ولما بين ما للمفسدين من كونهم قالوا على الله غير الحق فلا يغفر لهم، بين ما للصالحين المذكورين في قوله:
ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون فقال عاطفا على تقديره: أولئك حبطت أعمالهم فيما
[ ص: 149 ] درسوا من الكتاب، ولا يغفر لهم ما أتوا من الفساد:
والذين يمسكون أي: يمسكون إمساكا شديدا يتجدد على [كل] وجه الاستمرار، وهو إشارة إلى أن التمسك بالسنة في غاية الصعوبة لا سيما عند ظهور الفساد
بالكتاب أي: فلا يقولون على الله إلا الحق، ومن جملة تمسيكهم المتجدد انتقالهم عن ذلك الكتاب عند إتيان الناسخ؛ لأنه ناطق بذلك. والله الموفق.
ولما كان من تمسيكهم بالكتاب عند نزول هذا الكلام انتقالهم عن دينهم إلى الإسلام كما وقع الأمر به في المواضع التي تقدم بيانها، عبر عن
إقامة الصلاة المعهودة لهم بلفظ الماضي دون المضارع لئلا يجعلوه حجة في الثبات على دينهم. فيفيد ضد المراد فقال:
وأقاموا الصلاة وخصها إشارة إلى أن الأولين تركوها كما صرح به في آية مريم، وتنويها بشأنها بيانا لأنها من
أعظم شعائر الدين، ولما كان التقدير إخبارا عن المبتدإ: سنؤتيهم أجورهم لإصلاحهم، وضع موضعه للتعميم قوله:
إنا لا نضيع أي: بوجه من الوجوه
أجر المصلحين