ولما ختم الآية بما هو في غاية النصيحة منه تعالى لهم من الإيواء والنصر والرزق الطيب المشار به إلى الامتنان بإحلال المنعم، وختم ذلك بالحث على
الشكر; نهانا عن تضييع الشكر في ذلك بالخيانة في أوامره بالغلول أو غيره فقال:
يا أيها الذين آمنوا تذكيرا بما ألزموا به أنفسهم من الوفاء
لا تخونوا الله أي: تنقصوا من حقوق الملك الأعظم، فإن أصل الخون النقص ثم استعمل في ضد الأمانة والوفاء فصارت نقصا خاصا
والرسول بغلول ولا غيره، بل أدوا الأمانة في جميع ذلك، ولعله كرر العامل في قوله:
وتخونوا أماناتكم من الفرائض والحدود والنوافل وغيرها إشارة إلى أن الخيانتين مختلفتان، فخيانتهم لله حقيقة، وخيانتهم للأمانة استعارة؛ لأن حاملها لما أخل بها كان كأنه خانها; وخفف عنهم بقوله:
وأنتم تعلمون حال الغفلة ونحوها، ويجوز أن يكون المفعول غير مراد فيكون المعنى: وأنتم علماء، ويكون ذلك مبالغة في النهي عنها بأنهم جديرون بأن لا يقبل منهم عذر بجهل ولا نسيان لأنهم علماء، والعالم هو العارف بالله، والعارف لا ينبغي أن ينفك عن المراقبة.