ولما ساق سبحانه هذه البشارة في النذارة، سبب عنها قوله:
فكلوا مما غنمتم أي: من الفدية وغيرها حال كونه
حلالا أي: لا درك ولا تبعة فيه من جهتي
طيبا أي: شهيا لكم ملائما لطباعكم، وهذا إذا كان مع الشروط التي أقمتها لكم من عدم الغلول والخيانة بوجه من الوجوه والاستئثار وشديد الرغبة السائقة إلى ما لا يليق من التنازع وغيره، ذلك فيما تقدمت فيه إليكم
واتقوا الله أي: الذي له جميع صفات الكمال في جميع ذلك فلا تغلوا ولا تنازعوا ولا تقدموا إلا على ما يبيحه لكم الرسول صلى الله عليه وسلم
إن الله أي: المتصف بالجلال والإكرام
غفور أي: لمن يعلم من قلبه أنه من أهل التقوى
رحيم أي: له، فلأجل ما علم في قلوبكم من الخير غفر لكم فلم يعذبكم بتسرعكم إلى إسار من لم يأمركم به الرسول صلى الله عليه وسلم للمفاداة دون توقف على إذنه، ورحمكم فأحسن إليكم فأحل لكم الغنائم،
[ ص: 333 ] انظر إلى قوله تعالى:
إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم تعرف حسن تعليل
الأمر بالتقوى بالمغفرة والرحمة، ويجوز أن يكون علة للأكل، أي: كلوا؛ فإن الله قد غفر لكم ما عاتبكم عليه، وفائدة الأمر بالتقوى التحذير من العود اعتمادا على سعة الحلم، وأيضا فقد تقدم تهديد ومغفرة فناسب أن يدلهم على أن علة المغفرة التقوى، فكان ترجمة ذلك أنه لما رهبهم بمس العذاب عند أخذ الفداء لولا سبق الكتاب، رغبهم بأنه كلما صدهم عن جنابه صارف ذنب فردهم إليه عاطف تقوى، أسبل عليهم ذيل المغفرة والرحمة،