ولو أرادوا الخروج لأعدوا له أي: قبل حلوله
عدة أي: قوة وأهبة من المتاع والسلاح والكراع بحيث يكونون متصفين بما قدمت إليهم من التحريض على نحو ما وقع الأمر به في الأنفال فيكونون كالحاضرين في صلب الحرب الواقفين في الصف قد استعدوا لها بجميع عدتها
ولكن لم يريدوا ذلك قط فلم يعدوا له عدة، فملا أمرت به شرعوا يعتلون بعدم العدة وما ذاك بهم، إنما مانعهم كراهتهم للخروج وذلك بسبب أن
كره الله أي: ذو الجلال والإكرام بأن فعل فعل الكاره فلم يرد
انبعاثهم أي: سيرهم معك مطاوعة لأمرهم بذلك لما علم من عدم صلاحيتهم له
فثبطهم أي: حبسهم عنه حبسا عظيما بما شغلهم بما بما حبب إليهم من الشهوات وكره إليهم من ارتكاب المشقات بسبب أنهم لا يرجون ثوابا ولا يخشون غير السيف عقابا، قصروا هممهم الدنية على الصفات البهيمية، فلما استولت عليهم الشهوات وملكتهم الأنفس الدنيات نودوا من قبلها: إلى أين تخرجون؟
وقيل أي: لهم لما أسرعوا الإقبال إليها
اقعدوا أي: عن جندي لا تصحبوهم، وفي قوله:
مع القاعدين أي: الذين شأنهم ذلك كالمرضى والزمنى والصبيان والنساء - من التبكيت
[ ص: 491 ] ما لا يعلم مقداره إلا أولو الهمم العلية والأنفس الأبية، وعبر بالمجهول إشارة إلى أنهم يطيعون الأمر بالقعود حقيقة ومجازا كائنا من كان كما أنهم يعصون الأمر بالنفر كائنا من كان لأن أنفسهم قابلة للدنايا غير صالحة للمزايا بوجه.