ولما كان قولهم هذا متضمنا لتوهم القدرة على الاحتراس من القدر، قال تعالى معلما بجوابهم مخاطبا للرأس لعلو المقام:
قل أي: إنا نحن لا نقول مقالتكم لمعرفتنا بأنا لا نملك ضرا ولا نفعا، بل نقول:
لن يصيبنا أي: من الخير والشر
إلا ما كتب أي: قدر
الله أي: المحيط بكل شيء قدرة وعلما، ولما كان قضاء الله كله خيرا للمؤمن إن أصابته سراء شكر وإن أصابته ضراء صبر، عبر باللام فقال:
لنا أي: لا يقدر على رده عنا إلا هو سبحانه:
هو أي: وحده
مولانا أي: القريب منا الذي يلي جميع أمورنا، لا قريب منا سواه، فلو أراد لدفع عنا كل مصيبة؛ لأنه أقرب إلينا منها، لا تصل إلينا بدون علمه وهو قادر، فنحن نعلم أن له في ذلك لطيف سريرة تتضاءل دونها ثواقب الأفكار وتخسأ عن الإحاطة بتحقيقها نوافذ الأبصار فنحن لا نتهمه في قضائه لأنا قد توكلنا عليه وفوضنا أمورنا إليه، والموكل
[ ص: 497 ] لا يتهم الوكيل
وعلى الله أي: الملك الأعلى لا غيره
فليتوكل المؤمنون أي: كلهم توكلا عظيما جازما لا معدل عنه، فالفيصل بين المؤمن والكافر هو إسلام النفس إليه وحده بلا اعتراض عليه يقلبها كيف يشاء ويحكم فيها بما يريد.