[ ص: 4 ] ولما رتب سبحانه الاستئذان في العقود والرضى بما فيه من الدناءة على عدم الفقه تارة والعلم أخرى وختم بصنف الأعراب، بين أن الأعراب أولى بذلك؛ لكونهم أعرق في هذا الوصف وأجرأ على الفسق لبعدهم عن معدن العلم وصرفهم أفكارهم في غير ذلك من أنواع المخازي لتحصيل المال الذي كلما داروا عليه طار عنهم فأبعد، فهم لا يزالون في همه قد شغلهم ذلك عن كل هم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، فقال تعالى: "
الأعراب " أي أهل البدو "
أشد " أي: من أهل المدر
كفرا ونفاقا لبعدهم عن دار الهجرة ومعدن العلم وجفائهم بأن مرائي قلوبهم لم تصقل بأنوار الكتاب والسنة " وأجدر أن " أي: وأحق بأن " لا يعلموا " ولما كان الإحجام أصعب من الإقدام، وأطراف الأشياء المختلطة في غاية الإلباس، قال:
حدود ما أنـزل الله أي المحيط علما وحكمة بكل شيء
على رسوله أي الذي أعلم الخلق من القرآن والشرائع والأحكام لعدم إقبالهم عليه شغلا بغيره؛ فإن الله يعلم ذلك منهم
والله أي الذي له جميع صفات الكمال
عليم أي بالغ العلم بكل شيء
حكيم أي: بالغ الحكمة فهو يضع الأشياء في أتم محالها.