[ ص: 6 ] ولما افتتح الآية الثانية بقوله:
ومن الأعراب من يؤمن أي: لا يزال يجدد إيمانه آثار الدين
بالله واليوم الآخر علم أن القسم الأول غير مؤمن بذلك، وإنما وقع منهم الإقرار باللسان من غير إذعان، والإيمان هو الأصل الذي يترتب عليه الإنفاق [عن طيب نفس لما يرجى من ثوابه في اليوم الآخر الذي لولا هو انتفت الحكمة] من هذا الخلق على هذا الترتيب: ثم عطف عليه ما يثمره الإيمان فقال:
ويتخذ أي: يحث نفسه ويجاهدها إن عرضت له الوساوس الشيطانية على أن يعد
ما ينفق أي: فيما أمر الله به
قربات جمع قربة لما تقرب إليه سبحانه
عند الله [أي] الذي لا أشرف من القرب منه؛ لأنه الملك الأعظم
وصلوات أي دعوات
الرسول أي الذي وظيفته التبليغ؛ فهو لا يقول لهم شيئا إلا عن الله، وأطلق القربة والصلاة على سببها.
ولما أخبر عن أفعالهم أخبر عن عاقبتهم ومآلهم; قال مستأنفا محققا لرجائهم ترغيبا في الصدقة بأبلغ تأكيد لما لأعدائهم من التكذيب:
ألا إنها أي نفقاتهم
قربة لهم أي: كما أرادوا; ثم بين ثمرة كونها قربة بقوله:
سيدخلهم الله أي الذي له صفات الكمال بوعد لا خلف فيه
في رحمته أي إكرامه فتكون محيطة بهم، ثم علل ذلك بقوله
[ ص: 7 ] معبرا بالاسم الأعظم تنبيها على أنه لا يسع الإنسان إلا العفو وإن أعظم الاجتهاد:
إن الله أي الذي لا يقدر أحد على أن يقدره حق قدره
غفور أي بليغ الستر لقبائح من تاب
رحيم أي بليغ الإكرام، ذلك وصف له ثابت، يجلله كل من يستأهله.