ولما كانت المشقة بالإنفاق العائد ضرره إلى المال، ووطء مطلق الأرض
[ ص: 46 ] الذي قد لا يلزم منه وصول إلى ما يغيظ العدو دون المشقة الحاصلة في النفس بالظمأ وما معه من فعل ما يغيظ العدو وينقصه، قدم ذلك على قوله:
ولا ينفقون ولما كان القليل قد يحتقر، ابتدأ به ترغيبا في قوله:
نفقة صغيرة ولما كان ربما تعنت متعنت فجعل ذكرها قيدا، قال:
ولا كبيرة إعلاما بأنه معتد به لئلا يترك، وفيه إشارة إلى آية اللمز للمطوعين في الصدقات
ولا يقطعون واديا أي من الأودية بالسير في الجهاد، والوادي: كل منفرج بين جبال وآكام ينفذ فيه السيل، وهو في الأصل فاعل من ودى - إذا سال
إلا كتب لهم أي: ذلك الإنفاق والقطع، بناه للمفعول لأن القصد الحفظ بالكتابة مطلقا
ليجزيهم الله أي ذو الجلال والإكرام، أي بذلك من فضله
أحسن ما كانوا أي: جبلة وطبعا
يعملون مضاعفا على قدر الثبات، وأكدت فاصلة الأولى دون هذه لزيادة تلك في المشقة والنفع، ولذا صرح فيها الأجر والعمل الصالح - نبه على ذلك
الإمام أبو حيان. ومن هنا بل من عند
إن الله اشترى شرع في عطف الآخر على الأول الذي مضمونه
البراءة من المشركين والاجتهاد في قتالهم بعد انقضاء مدتهم حيث وجدوا - إلى أن قال:
قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله - إلى أن قال:
ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض ثم قال
[ ص: 47 ] انفروا خفافا وثقالا ثم أتبع ذلك قصص المنافقين كما أنه فعل هنا كذلك أن ختم بقوله:
قاتلوا الذين يلونكم من الكفار الآية. ثم أتبعها ذكر المنافقين.