ولما تم ما أراد تعالى من تعليل الوصف [بالمبين] أبدل من قوله "أحسن القصص" قوله:
إذ أي نقص عليك خبر إذ، أي خبر
يوسف إذ
قال يوسف أي ابن
يعقوب إسرائيل الله عليهما الصلاة والسلام
لأبيه وبين أدبه بقوله - مشيرا بأداة البعد إلى أن أباه عالي المنزلة جدا، وإلى أن الكلام الآتي مما له وقع عظيم، فينبغي أن يهتم بسماعه والجواب عليه، وغير ذلك من أمره:
يا أبت تاءه للتأنيث لأنه يوقف عليها عند بعض القراء بالهاء، وكسرتها عند من كسر دالة على ياء الإضافة التي عوض عنها تاء التأنيث، واجتماع الكسرة معها كاجتماعها مع الياء، وفتحها عند من فتح عوض عن الألف القائمة مقام ياء الإضافة.
ولما كان صغيرا، وكان المنام عظيما خطيرا، اقتضى المقام التأكيد فقال:
إني رأيت أي في منامي، فهو من الرؤيا التي هي رؤية في المنام،
[ ص: 16 ] فرق بين حال النوم واليقظة في ذلك بألف التأنيث
أحد عشر كوكبا أي نجما كبيرا ظاهرا جدا مضيئا براقا، وفي عدم تكرار هذه القصة في القرآن رد على من قال: كررت قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام تمكينا لفصاحتها بترادف السياق، وفي تكرير قصصهم رد على من قال: إن هذه لم تكرر لئلا تفتر فصاحتها، فكأن عدم تكريرها لأن مقاصد السور لم تقتض ذلك - والله أعلم.
ولما كان للنيرين اسمان يخصانهما هما في غاية الشهرة، قال معظما لهما:
والشمس والقمر ولما تشوفت النفس إلى الحال التي رآهم عليها، فكان كأنه قيل: على أي حال؟ وكانت الرؤيا باطن البصر الذي هو باطن النظر، فكان التعبير بها للإشارة إلى غرابة هذا الأمر، زاد في الإشارة إلى ذلك بإعادة الفعل، وألحقه ضمير العقلاء لتكون دلالته على كل من عجيب أمر الرؤيا ومن فعل المرتى الذي لا يعقل فعل العقلاء من وجهين فقيل:
رأيتهم لي [ ص: 17 ] أي خاصة
ساجدين ]أجراهم مجرى العقلاء لفعل العقلاء].