ولما لعن الكاتمين واستثنى منهم التائبين ذكر المصرين معبرا عن كتمانهم بالكفر لتعم العبارة كل كفر فقال :
إن الذين كفروا [ ص: 278 ] أي : بهذا الكتمان وغيره
وماتوا وهم كفار قال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : ففي إشعاره يسر توبة الكافرين وعسر توبة المنافقين من حيث صرح بذكر توبة الكاتم وتجاوز في الذكر توبة الكافر ، فكان الذين كفروا يتوبون إلا الأقل والذين يكتمون يتمادون إلا الأقل ، فلذلك وقع الاستثناء في الكاتم والتخصيص من الكافر . انتهى .
ولما كان الموت على شيء دالا على أصل الجبلة فالميت كافرا مجبول جبلة شر بين سبحانه وتعالى أنه مستحق في نفس الأمر لكل خزي لذلك لا لسبب جدده ، فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ، لأنه سبحانه وتعالى لا يسأل عما يفعل ، فأسقط فاء السبب وعبر عنهم بأداة البعد إشارة إلى طردهم فقال :
أولئك الذين هم في غاية السفول
عليهم لعنة الله أي : طرد الملك الذي لا ملك سواه وإبعاده ، ثم بين اللاعنين في التي قبلها فقال
والملائكة والناس أجمعين أي : هم أهل لذلك وكل أحد يلعن الظالم وأظلم الظالمين الكافر
خالدين فيها أي : اللعنة .
[ ص: 279 ] ولما كان اللعن دالا على العذاب صرح به فقال :
لا يخفف عنهم العذاب لاستعلاء اللعن عليهم وإحاطته بهم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : ذكر وصف العذاب بذكر ما لزمهم من اللعنة ليجمع لهم بين العقابين : عقابا من الوصف وعقابا من الفعل ، كما يكون لمن يقابله نعيم ورضى . انتهى .
ولا هم ينظرون قال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : من النظرة وهو التأخير المرتقب نجازه فالمعنى أنهم لا يمهلون من ممهل ما أصلا كما يمهلون في الدنيا - بل يقع عليهم العذاب حال فراقهم للحياة ثم لا يخفف عنهم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : ففيه إشعار بطائفة أي : من عصاة المؤمنين يؤخر عذابهم ، وفي مقابلة علم الجزاء بأحوال أهل الدنيا تصنيفهم بأصناف في اقتراف السوء ، فمن داومه داومه العذاب ومن أخره وقتا ما في دنياه أخر عنه العذاب ، ومن تزايد فيه تزايد عذابه ، وذلك لكون الدنيا مزرعة الآخرة وأن الجزاء بحسب الوصف
سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم انتهى .