ولما تقدم قوله تعالى:
ويقول الذين كفروا لولا أنـزل عليه آية عطف عليه - بعد شرح ما استتبعه - قوله:
ويقول الذين كفروا أي أوجدوا الكفر ولو على أدنى الرتب، قولا على سبيل التكرار:
لست مرسلا لكونك لا تأتي بمقترحاتهم مع أنه لم يقل يوما: إنه قادر عليها، فكأنه قيل: فما أقول لهم؟ فقال:
قل كفى [ ص: 368 ] والكفاية: وجود الشيء على مقدار الحاجة; ومعنى الباء في "بالله" أي الذي له الإحاطة الكاملة - التأكيد، لأن الفعل جاز أن يضاف إلى غير فاعله إذا أمر به أزيل هذا الاحتمال من وجهين: جهة الفاعل وجهة صرف الإضافة "شهيدا" أي بليغ العلم في شهادته بالاطلاع على ما ظهر وما بطن
بيني وبينكم يشهد بتأييد رسالتي وتصحيح مقالتي بما أظهر لي من الآية وأوضح من الدلالة بهذا الكتاب، ويشهد بتكذيبكم بادعائكم القدرة على المعارضة وترككم لها عجزا، وهذا على مراتب الشهادة، لأن الشهادة قول يفيد غلبة الظن بأن الأمر كما شهد به، والمعجزة فعل مخصوص يوجب القطع بأن ما جاءت لأجله كما هو
ومن عنده علم الكتاب مما أنزله فيه من الأصول والفروع والخبر عما كان يكون على نحو من الأساليب ونمط من المناهج أخرس الفصحاء، وأبكم البلغاء، وأبهت الحكماء، وهو الله تعالى، تأييدا وتحقيقا لدعواي، ويؤيد أن المراد به "الله" قراءة "من" على أنها جارة، وفي سوقه هكذا على طريق الإبهام من ترويع النفس [بهزها إلى تطلب المتصف بهذا الوصف ما ليس في التعيين، فهو إذن كدعوى الشيء] مقرونا بدليله، فقد انطبق هذا الآخر على أول السورة في أن المنزل حق من عنده وأنهم لا يؤمنون - والله الموفق.