ولما ذكر الظالمين. أتبعه ذكر المؤمنين، فقال بانيا للمفعول لأن الدخول هو المقصود بالذات:
وأدخل والإدخال: النقل إلى
[ ص: 409 ] محيط - هذا أصله
الذين آمنوا أي أوجدوا الإيمان
وعملوا الصالحات أي تصديقا لدعواهم الإيمان
جنات تجري وبين أن الماء غير عام لجميع أرضها بإدخال الجار فقال:
من تحتها الأنهار فهي لا تزال ريا، لا يسقط ورقها ولا ثمرها فداخلها لا يبغي بها بدلا
خالدين فيها
ولما كانت الإقامة لا تطيب إلا بإذن المالك قال:
بإذن ربهم الذي أذن لهم - بتربيته وإحسانه - في الخروج من الظلمات إلى النور، وقرئ "وأدخل" على التكلم فيكون عدل عن أن يقول "بإذني" إلى
بإذن ربهم للإعلام بالصفة المقتضية للرحمة كما قال تعالى
إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك ولم يقل: لنا - سواء، ومن شكله
إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله فلا تنبغي المسارعة إلى إنكار شيء يمكن توجيهه، بل يتعين إمعان النظر، فإن الأمر كما قال الإمام
أبو الفتح بن جني في كتابه المحتسب في توجيه
لما يهبط من خشية الله [ ص: 410 ] أن كلام العرب لمن عرفه [ومن الذي يعرفه؟] - ألطف من السحر، وأنقى ساحى من مشوف الفكر، وأشد تساقطا بعضا على بعض، وأمس تساندا نفلا إلى فرض
تحيتهم أي فيما بينهم وتحية الملائكة لهم; والتحية: التلقي بالكرامة في المخاطبة، فهي إظهار شرف المخاطب
فيها سلام أي عافية وسلامة وبقاء، وقول من كل منهم للآخر: أدام الله سلامتك، ونحو هذا من الإخبار بدوام العافية، كما أن حال أهل الباطل في النار عطب وآلام.