ولما تقرر بما مضى أن الحق ما قاله [الله] أو فعله أو أذن فيه، وأن الباطل ما كان على غير أمره مما ينسب إلى الشيطان أو غيره من قول أو فعل، وأنه لا يصلح في الحكمة أن ينفي الحق ولا [أن] يبقي الباطل
إن الله لا يصلح عمل المفسدين ويحق الله الحق بكلماته ليحق الحق ويبطل الباطل ]،
وقص سبحانه كلام أوليائه الذي هو من كلامه، فهو أثبت الأشياء وأطيبها وأعظمها ثمرة، [ ص: 411 ] وكلام أعدائه الذي هو من كلام الشيطان، فهو أبطل الأشياء وأخبثها، قرب سبحانه [ذلك] بمثل يتعارفه المخاطبون فقال:
ألم تر أي يا من لا يفهم عنا هذا المثل حق الفهم سواه!
كيف ضرب الله أي المحيط بكل شيء قدرة وعلما
مثلا أي سيره بحيث يعم نفعه; والمثل: قول سائر يشبه فيه حال الثاني بالأول; ثم بينه بقوله:
كلمة طيبة أي جمعت أنواع الكرم فليس فيها شيء من الخبث، وتلك الكلمة
كشجرة طيبة
ولما كانت لا تسر إلا بالثبات، قال:
أصلها ثابت أي راسخ في الأرض آمن من الاجتثاث بالرياح ونحوها
وفرعها عال صاعد مهتز "في" جهة
السماء لحسن منبتها وطيب عنصرها; فالآية من الاحتباك: ذكر "ثابت" أولا دال على عال صاعد ثانيا، وذكر "السماء" ثانيا دال على الأرض أولا.