ولما أفهم ما تقدم - كما قلنا - الحكم بإغوائه؛ كان السامع كأنه قال: فماذا قال؟ فقيل:
قال ؛ منسوبا نفسه بالمعبود العلي - الذي لا يسأل عما يفعل؛ وكل أفعاله عدل وحكمة - بعد أن رفع نفسه على العبد البشري:
رب ؛ أي: أيها الموجد؛ والمربي لي؛ وعزتك؛
بما أغويتني ؛ أي: بسبب إغوائك لي من أجلهم؛ وللاهتمام بهذا السبب قدمه على جواب القسم الدال على المقسم به؛ وهو قوله:
لأزينن لهم ؛ أي: تزيينا عظيما؛ المعاصي؛ والمباحات الجارة إليها؛ الشاغلة عن الطاعة؛ الصارفة عنها؛
في الأرض ؛ أي: التي هي محل الغفلة؛ وهم منها؛ والشيء إلى ما هو منه أميل؛ فهي بهذا التقدير
[ ص: 59 ] مساوية لآية "ص"؛ "فبعزتك"; والتزيين: جعل الشيء متقبلا في النفس؛ من جهة الطبع؛ والعقل؛ بحق؛ أو بباطل؛
ولأغوينهم ؛ أي: بالإضلال عن الطريق الحميدة؛
أجمعين ؛ انتقاما لنفسي؛