ولما بين أنه لا بد من ذلك؛ لسبق الوعد به من القادر؛ بين حكمته بأمر مبين؛ أنه لا يسوغ تركه بوجه؛ وهو أنه لا يجوز في عقل عاقل أن أحدا - ملكا؛ فما دونه - يأمر عبيده بشيء ثم يهملهم فلا يسألهم؛ ولا سيما إن اختلفوا؛ ولا سيما إن أدى اختلافهم إلى المقاطعة؛ والمقاتلة؛
[ ص: 163 ] فكيف إن كان حاكما؟! فكيف إذا كان حكيما؟! فكيف وهو أحكم الحاكمين؟! فقال - معلقا بما دل عليه "بلى" -:
ليبين ؛ أي: فعله؛ ووعد به؛ فهو يبعثهم ليبين
لهم ؛ أي: للناس؛
الذي يختلفون ؛ أي: يوجد اختلافهم
فيه ؛ من البعث؛ وغيره؛ ويجزي كلا بما عمل؛ لأن ذلك من العدل؛ الذي هو فعله؛
وليعلم الذين كفروا ؛ أي: جهلوا الآيات الدالة عليه؛ فكأنهم ستروها؛ لأنها لظهورها لا تجهل؛
أنهم كانوا ؛ أي: جبلة؛ وطبعا؛
كاذبين ؛ أي: عريقين في الكذب؛ في إنكارهم للمعاد؛ وزعمهم أنهم المختصون بالمفاز؛ علم اليقين؛ وعين اليقين؛ وحق اليقين.