[ ص: 77 ] ولما تصوروا لهذه الآية الشريفة قربه وحبه على عظمته وعلوه فتذكروا لذيذ مخاطبته فيما قبل فاشتاقوا إليها وكان قد يسر لهم أمر الصوم كما على جميعهم وكيفا على أهل الضرورة منهم كانوا كأنهم سألوه التيسير على أهل الرفاهية فيما حرم عليهم كما حرم على أهل الكتاب والوطء في شهر الصوم والأكل بعد النوم فقال تحقيقا للإجابة والقرب:
أحل لكم فأشعر ذلك بأنه كان حراما
ليلة أي في جميع ليلة
الصيام الرفث وهو ما يواجه به النساء في أمر النكاح، فإذا غير فلا رفث عند العلماء من أهل اللغة، ويدل عليه وصله بحرف الانتهاء بيانا لتضمين الإفضاء أي مفضين
إلى نسائكم بالجماع قولا وفعلا، وخرج بالإضافة نساء الغير.
[ ص: 78 ] ولما كان الرفث والوقاع متلازمين غالبا قال مؤكدا لإرادة حقيقة الرفث وبيان السبب في إحلاله:
هن أي نساؤكم
لباس لكم تلبسونهن، والمعنى: أبيح ذلك في حالة الملابسة أو صلاحيتها، وهو يفهم أنه لا يباح نهارا - والله سبحانه وتعالى أعلم; ويجوز أن يكون تعليلا لأن اللباس لا غنى عنه والصبر يضعف عنهن حال الملابسة والمخالطة.
ولما كان الصيام عاما للصنفين قال:
وأنتم لباس لهن يلبسنكم، ثم علل ذلك بقوله مظهرا لعظمة هذه الأمة عنده في إرادته
[ ص: 79 ] الرفق بها
علم الله أي المحيط علمه ورحمته وله الإحاطة الكاملة كما قدم من كونه قريبا اللازم منه كونه رقيبا
أنكم كنتم تختانون أي تفعلون في الخيانة في ذلك من المبادرة إليه فعل الحامل نفسه عليه، والخيانة التفريط في الأمانة، والأمانة ما وضع ليحفظ، روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في التفسير عن
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء رضي الله تعالى عنه قال:
لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله وكان رجال يخونون أنفسهم فأنزل الله عز وجل علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم .
روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي عن
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء أيضا رضي الله تعالى عنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=673893كان الرجل إذا صام فنام لم يأكل إلى مثلها وإن صرمة بن قيس الأنصاري رضي الله تعالى عنه - فذكر حديثه في نومه قبل الأكل وأنه [ ص: 80 ] غشي عليه قبل انتصاف النهار فنزلت الآية .
ولما كان ضرر ذلك لا يتعداهم قال:
أنفسكم ثم سبب عنه قوله:
فتاب عليكم
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : ففيه يسر من حيث لم يؤاخذوا بذنب حكم خالف شرعة جبلاتهم فعذرهم بعلمه فيهم ولم يؤاخذهم بكتابه عليهم، وفي التوب رجوع إلى مثل الحال قبل الذنب
nindex.php?page=hadith&LINKID=680753التائب من الذنب كمن لا ذنب له وكانت هذه الواقعة لرجل من
المهاجرين ورجل من
الأنصار ليجتمع اليمن في الطائفتين، فإن أيمن الناس على الناس من وقع في مخالفة فيسر الله حكمها بوسيلة مخالفته، كما في هذه
[ ص: 81 ] الآية التي أظهر الله سبحانه وتعالى الرفق فيها بهذه الأمة من حيث شرع لها ما يوافق كيانها وصرف عنها ما علم أنها تختان فيه لما جبلت عليه من خلافه، وكذلك حال الآمر إذا شاء أن يطيعه مأموره يأمره بالأمور التي لو ترك ودواعيه لفعلها وينهاه عن الأشياء التي لو ترك ودواعيه لاجتنبها، فبذلك يكون حظ حفظ المأمور من المخالفة، وإذا شاء الله تعالى أن يشدد على أمة أمرها بما جبلها على تركه ونهاها عما جبلها على فعله، فتفشو فيها المخالفة لذلك، وهو من أشد الآصار التي كانت على الأمم فخفف عن هذه الأمة بإجراء شرعتها على ما يوافق خلقتها، فسارع سبحانه وتعالى لهم إلى حظ من هواهم، كما
nindex.php?page=hadith&LINKID=654414قالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله تعالى عنها للنبي صلى الله عليه وسلم: إن ربك يسارع إلى هواك ليكون لهم حظ مما لنبيهم كليته، وكما قال عليه الصلاة والسلام
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي رضي الله تعالى عنه:
nindex.php?page=hadith&LINKID=666017اللهم! أدر الحق معه حيث دار كان صلى الله عليه وسلم يأمر الشجاع بالحرب ويكف الجبان عنه، حتى لا تظهر فيمن معه مخالفة إلا عن سوء
[ ص: 82 ] طبع لا يزعه وازع الرفق، وذلك قصد العلماء الربانيين الذين يجرون المجرب والمدرب على ما هو أليق بحاله وجبلة نفسه وأوفق لخلقه وخلقه، ففيه أعظم اللطف لهذه الأمة من ربها ومن نبيها ومن أئمة زمانها، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام:
nindex.php?page=hadith&LINKID=664373لقد هممت أن أنهى عن الغيلة حتى سمعت أن فارس والروم يصنعون ذلك فلا يضر ذلك أولادهم شيئا لتجري الأحكام على ما يوافق الجبلات وطباع الأمم لكونه رسولا إلى الناس كافة على اختلاف طباعهم، وما في السنة والفقه من ذلك فمن مقتبسات هذا الأصل العلي الذي أجرى الله سبحانه وتعالى الحكم فيه لأمة
محمد صلى الله عليه وسلم على وفق ما تستقر فيه أمانتهم وتندفع عنهم خيانتهم.
وفي قوله
وعفا عنكم أي بمحو أثر الذنب إشعار بما كان يستحق ذلك من تطهر منه من نحو كفارة وشبهها، ولما كان ما أعلى إليه خطاب
[ ص: 83 ] الصوم صوم الشهر على حكم وحدته الآتية على ليله ونهاره إعلاء عن رتبة الكتب الأول التي هي أيام معدودات مفصول ما بين أيامها بلياليها ليجري النهار على حكم العبادة والليل على حكم الطبع والحاجة فكان في هذا الإعلاء إطعام الضعيف مما يطعمه الله ويسقيه لا لأنه منه أخذ بطبع بل بأنه حكم عليه حكم بشرع حين جعل الشرعة على حكم طباعهم، كما قال في الساهي:
nindex.php?page=hadith&LINKID=651797إنما أطعمه الله وسقاه ، وفيه إغناء القوي عن الطعام والشراب كما قال عليه الصلاة والسلام:
nindex.php?page=hadith&LINKID=651788إني لست كهيئتكم ، فكان يواصل، وأذن في
الوصال إلى السحر ، فكما أطعموا وسقوا شرعة مع تمادي حكم الصوم فكذلك أنكحوا شرعة مع تمادي حكمه، فصار نكاحهم ائتمارا بحكم الله لا إجابة طبع ولا غرض نفس فقال:
فالآن أي حين أظهر لكم إظهار الشرعة على العلم فيكم وما جبلت عليه طباعكم
[ ص: 84 ] فسدت عنكم أبواب المخالفة التي فتحت على غيركم
باشروهن حكما، حتى استحب طائفة من العلماء النكاح للصائم ليلا حيث صار طاعة، وهو من المباشرة وهي التقاء البشرتين عمدا
وابتغوا أي اطلبوا بجد ورغبة
ما كتب الله أي الذي له القدرة الكاملة فلا يخرج شيء عن أمره
لكم أي من الولد أو المحل الحل، وفيه إشعار بأن ما قضي من الولد في ليالي رمضان نائل بركة ذرئه على نكاح أمر به حتى كان بعض علماء الصحابة يفطر على النكاح.
وكلوا واشربوا nindex.php?page=hadith&LINKID=74029كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات، فإن لم يجد فعلى تمرات، فإن لم يجد حسا حسوات من ماء وقال: إن الماء طهور ، وفي تقديم الأكل إجراء لحكم هذا الشرع على وفق الطبع - انتهى.
ولأنه سبب العطش، ودل على
وجوب تبييت النية وجواز تأخير الغسل إلى النهار، بقوله
حتى فإن في جعل
[ ص: 85 ] تبين الفجر غاية لحل المفطرات إيجابا لمراقبته للكف عنها، وذلك هو حقيقة النية، ومن استمر مباشرا إلى الفجر لم يمكنه الاغتسال ليلا وقال:
يتبين
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : بصيغة يتفعل وهو حيث يتكلف الناظر نظره، وكأن الطالع، يتكلف الطلوع، ولم يقل: يبين، لأن ذلك يكون بعد الوضوح - انتهى.
وفي قوله:
لكم بيان لأن الأحكام بحسب الظاهر وأن التكليف بما في الوسع
الخيط الأبيض قال
الأصبهاني : وهو أول ما يبدو من الفجر المعترض في الأفق كالخيط الممدود.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : فمد إلى غاية انتهاء الليل وتبين حد النهار بأرق ما يكون من مثل الخيط
من الخيط الأسود قال
الأصبهاني : وهو ما يمتد معه من غبش الليل أي البقية من الليل،
[ ص: 86 ] وقيل: ظلمة آخر الليل، شبها بخطين أبيض وأسود. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : ففيه إنهاض لحسن الاستبصار في ملتقى الليل والنهار حتى يؤتى العبد نور حسن بتبين ذلك على دقته ورقته وقد كان أنزل هذا المثل دون بيان ممثوله حتى أخذ أعرابي ينظر إلى خيطين محسوسين فأنزل
من الفجر يعني فبين الأبيض، فأخرجه بذكر المشبه من الاستعارة إلى التشبيه لأن من شرائطها أن يدل عليها الحالة أو الكلام، وهذه الاستعارة وإن كانت متعارفة عندهم قد نطقت بها شعراؤهم وتفاوضت بها فصحاؤهم وكبراؤهم لم يقتصر عليها، وزيد في البيان لأنها خفيت على بعض الناس منهم
nindex.php?page=showalam&ids=76عدي بن حاتم رضي الله تعالى عنه، فلم تكن الآية مجملة ولا تأخر البيان عن وقت الحاجة، ولو كان الأمر كذلك ما عاب النبي صلى الله عليه وسلم على
عدي رضي الله تعالى عنه عدم فهمها.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي في كتاب له في أصول الفقه بناء على أنها مجملة: والخطاب بالإجمال
[ ص: 87 ] ممكن الوقوع وليس يلزم العمل به فالإلزام تكليف ما لا يطاق وإلزام العمل يستلزم البيان وإلا عاد ذلك الممتنع، وتأخير بيان المجمل إلى وقت الإلزام ممكن، لأن في ذلك تناسب حكمة الوحي المنزل بحكمة العالم المكون، فإن
الإجمال في القرآن بمنزلة نطق الأكوان والبيان فيه بمنزلة تخطيط الصور وذلك ظاهر عند من زاوله، وحينئذ فلا يقال: خطاب الإجمال عديم الفائدة لأنه يفيد تدريج حكمة التنزيل وتحصيل بركة التلاوة، وفي الاقتصار على بيانه نمط من فصاحة الخطاب العربي حيث لم يكن فيه ذكر الممثولين اكتفاء بأحدهما عن الآخر، ففيه تأصيل لأصل البيان من الإفهام حيث لم يقل: من الليل، كما قال: من الفجر، اكتفاء بما في الفهم من الذكر، وفي وقوع المبين إثر غير مثله نمط آخر من فصاحة الخطاب العربي لأن العرب يردون الثالث إلى الأول لا إلى الثاني ليتعلق بالأول في المعنى وينتظم بالثاني في اللفظ فيكون محرز المحل المفهوم راجعا إلى الأول بالمعنى - انتهى.
وأوضح دليل على إيجاب التبييت أمره بالإتمام، فإنه لما وقع الشروع فيه فالتقدير: فإذا تبين الفجر الذي أمرتم بمراقبته
[ ص: 88 ] لكونه غاية لما أحل لكم فصوموا أي أمسكوا عن المفطر
ثم أتموا ذلك
الصيام إلى الليل والتعبير بـ ثم إشارة إلى بعد ما بين طرفي الزمان الذي أحل فيه المفطر.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : فكان صوم النهار إتماما لبدء من صوم ليلة فكأنه في الليل صوم ليس بتام لانثلامه للحس وإن كان في المعنى صوما، ومن معناه رأى بعض العلماء الشروع في الاعتكاف قبل الغروب لوجه مدخل الليل في الصوم التام بالعكوف وإضافة الليل للنهار في حكم صوم ما وهو في النهار تمام بالمعنى والحس، وإنما ألزم بإتمام الصوم نهارا واعتد به ليلا وجرى فيه الأكل والنكاح بالأمر لأن النهار معاش فكان الأكل فيه أكلا في وقت انتشار الخلق وتعاطي بعضهم من بعض فيأنف عنه المرتقب، ولأن الليل سبات ووقت توف وانطماس، فبدأ فيه من أمر الله ما انحجب ظهوره في النهار، كأن المطعم بالليل طاعم من ربه الذي هو وقت تجليه
nindex.php?page=hadith&LINKID=673043ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا فكأن الطاعم في الليل إنما أطعمه الله وسقاه، فلم يقدح ذلك في معنى صومه
[ ص: 89 ] وإن ظهر صورة وقوعه في حسه كالناسي بل المأذون له أشرف رتبة من الناسي - انتهى.
ولما كان الصوم شديد الملابسة للمساجد والاعتكاف وكانت
المساجد مظنة للاعتكاف وكان سبحانه قد أطلق في صدر الآية الإذن في الوطء في جميع الأماكن والأحوال غير حال الصوم خص من سائر الأحوال الاعتكاف ومن الأماكن المساجد فعقب ذلك بأن قال:
ولا تباشروهن أي في أي مكان كان
وأنتم عاكفون أي بايتون مقيمون أو معتكفون، ومدار مادة عكف على الحبس أي وأنتم حابسون أنفسكم لله
في المساجد عن شهواتها بنية العبادة و
في المساجد ظرف لعاكفون، فتحرم
المباشرة في الاعتكاف ولو في غير المسجد، وتقييد الاعتكاف بها لا يفهم صحته في غير مسجد، فإنه إنما ذكر لبيان الواقع وليفهم حرمة الجماع في
[ ص: 90 ] المساجد، لأنه إذا حرم تعظيما لما هي سبب لحرمته ومصححة له كانت حرمته تعظيما لها لنفسها أولى، أو يقال وهو أحسن: لما كان معنى العكوف مطلق الحبس قيده بالمسجد ليفهم خصوص الاعتكاف الذي هو الحبس عبادة، فصار كأنه قال: وأنتم معتكفون، هذا معنى المبتدأ والخبر وما تعلق به، وكأنه جرد الفعل ليشمل ما إذا كان اللبث في المسجد بغير نية، والحاصل أنه سبحانه وتعالى سوى بين حال الصوم حال الاعتكاف في المنع من الجماع، فإن اجتمعا كان آكد، فإن الاعتكاف من كمال الصوم وذلك على وجه منع من المباشرة في المسجد مطلقا.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي : وإنما كان العاكف في المسجد مكملا لصومه لأن حقيقة الصوم التماسك عن كل ما شأن المرء أن يتصرف فيه من بيعه وشرائه وجميع أغراضه فإذا المعتكف المتماسك عن التصرف كله إلا ما لا بد له من ضرورته والصائم المكمل
[ ص: 91 ] صيامه والمتصرف الحافظ للسانه الذي لا ينتصف بالحق ممن اعتدى عليه هو المتمم للصيام، ومن نقص عن ذلك فانتصف بالحق ممن اعتدى عليه فليس بمتمم للصيام، فمن أطلق لسانه وأفعاله فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه، فإذا حقيقة الصوم هو الصوم لا صورته حتى ثبت معناه للأكل ليلا ونهارا، قال صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=74090من صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر وقال صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=653166ثلاثة أيام من كل شهر فذلك صوم الدهر وكان بعض أهل الوجهة من الصحابة يقول قائلهم: أنا صائم، ثم يرى يأكل من وقته فيقال له في ذلك فيقول: قد صمت ثلاثة أيام من هذا الشهر، فأنا صائم في فضل الله مفطر في ضيافة الله، كل ذلك اعتداد من أهل الأحلام والنهى بحقيقة الصوم أكثر من الاعتداد بصورة ظاهرة - انتهى بمعناه.
ولما قدم سبحانه وتعالى ذكر هذه الحرمات ضمن ما قدم في
[ ص: 92 ] الأحكام أما في المناهي فصريحا وأما في الأوامر فلزوما وتقدم فيها لأن حمله سبحانه وتعالى في الأرض محارمه نبه على تعظيمها وتأكيد تحريمها باستئناف قوله مشيرا بأداة البعد:
تلك أي الأحكام البديعة النظام العالية المرام
حدود الله وذكر الاسم الأعظم تأكيدا للتعظيم، وحقيقة الحد الحاجز بين الشيئين المتقابلين ليمنع من دخول أحدهما في الآخر، فأطلق هنا على الحكم تسمية للشيء باسم جزئه بدلالة التضمن وأعاد الضمير على مفهومه المطابق استخداما فقال:
فلا تقربوها معبرا بالقربان، لأنه في سياق الصوم والورع به أليق، لأن موضوعه فطام النفس عن الشهوات فهو نهي عن الشبهات من باب
nindex.php?page=hadith&LINKID=651910من يرتع حول الحمى يوشك أن يواقعه فيدخل فيه مقدمات الجماع فالورع تركها.
ولما علا هذا البيان إلى حد لا يدركه حق إدراكه الإنسان كان كأنه قال دهشا: هل يحصل بيان مثله لشيء غير هذا؟ فقيل بيانا للواقع وتشويقا إلى التلاوة وحثا على تدبر الكتاب الذي هو الهدى لا ريب فيه:
كذلك أي مثل هذا البيان العلي الشأن
يبين الله لما
[ ص: 93 ] له من العظمة التي لا تحصر بحد ولا تبلغ بعد
آياته التي يحق لعظمتها أن تضاف إليه وقال:
للناس إشارة إلى العموم دلالة على
تمام قدرته بشمول علمه إلى أن يصل البيان إلى حد لا يحصل فيه تفاوت في أصل الفهم بين غبي وذكي، وعلل ذلك بقوله:
لعلهم يتقون أي ليكون حالهم حال من يرجى منه خوف الله تعالى لما علموا من هذا البيان من عظمته، وأشعر هذا الإبهام أن فيهم من لا يتقي.