ولما كان سواد الوجه؛ والكظم؛ قد لا يصحبه الخزي؛ وصل به قوله (تعالى):
يتوارى ؛ أي: يستخفي؛ بما يجعله في موضع كأنه الوراء؛ لا اطلاع لأحد عليه؛
من القوم ؛ أي: الرجال؛ الذين هو
[ ص: 185 ] فيهم؛
من سوء ما بشر به ؛ لعده له خزيا؛ ثم بين ما يلحقه من الحيرة في الفكر عند ذلك؛ بقوله (تعالى):
أيمسكه على هون ؛ أي: ذل؛ وسفول أمر؛ ولما كانوا يغيبون الموءودة في الأرض؛ على غير هيئة الدفن؛ عبر عنه بالدس؛ فقال (تعالى):
أم يدسه في التراب ؛ قال
ابن ميلق: قال المفسرون: كانت المرأة إذا أدركها المخاض احتفرت حفيرة؛ وجلست على شفيرها؛ فإن وضعت ذكرا أظهرته؛ وظهر السرور على أهله؛ وإن وضعت أنثى استأذنت مستولدها؛ فإن شاء أمسكها على هون؛ وإن شاء أمر بإلقائها في الحفيرة؛ ورد التراب عليها وهي حية؛ لتموت؛ انتهى؛ قالوا: وكان الوأد في مضر؛ وخزاعة؛ وتميم.
ولما كان حكمهم هذا بالغا في القباحة؛ وصفه بما يستحقه؛ فقال - مؤكدا لقبحه -:
ألا ساء ما يحكمون ؛ أي: بجعل ما يكرهونه لمولاهم الذي لا نعمة عندهم إلا منه؛ وجعل ما يختارونه لهم خاصا بهم.