ولما كان ما تقدم أمارة على كراهتهم لما نسبوه إلى الله (تعالى)؛ أتبعه التصريح بعد التلويح؛ بقوله (تعالى):
ويجعلون لله ؛ أي: وهو الملك الأعظم؛
ما يكرهون ؛ أي: لأنفسهم؛ من البنات؛ والأموال؛ والشركاء في الرئاسة؛ ومن الاستخفاف برسلهم؛ وجنودهم؛ والتهاون برسالاتهم؛ ثم وصف جراءتهم مع ذلك؛ الكائنة في محل الخوف؛ المقتضية لعدم التأمل اللازم لعدم العقل؛ فقال:
وتصف ؛ أي: تقول معتقدة مع القول الصفاء؛ ولما كان قولا لا حقيقة له بوجه؛ أسنده إلى اللسان؛ فقال:
ألسنتهم ؛ أي: مع ذلك؛ مع أنه قول لا ينبغي أن يتخيله عاقل؛
الكذب ؛ ثم بينه بقوله:
أن لهم الحسنى ؛ أي: عنده؛ ولا جهل أعظم؛ ولا حكم أسوأ من أن تقطع بأن من تجعل له ما تكره يجعل لك ما تحب؛ فكأنه قيل: فما لهم
[ ص: 189 ] عنده؟ فقيل:
لا جرم ؛ أي: لا ظن؛ ولا تردد في
أن لهم النار ؛ التي هي جزاء الظالمين؛
وأنهم مفرطون ؛ أي: مقدمون؛ معجلون إليها؛ بتقديم من يسوقهم وإعجاله لهم; وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14387الرماني: متروكون فيها؛ من قول العرب: "ما أفرطت ورائي أحدا"؛ أي: ما خلفت؛ ولا تركت؛ وقرأ نافع بالتخفيف والكسر؛ أي: مبالغون في الإسراف؛ والجراءة على الله.