ولما انقضى هذا المثل كافيا في المراد؛ ملزما لهم لاعترافهم بأن الأصنام عبيد الله؛ في قولهم: "لبيك اللهم لبيك؛ لا شريك لك؛
[ ص: 219 ] إلا شريكا هو لك؛ تملكه وما ملك"؛ وكان ربما كابر مكابر فقال: إنهم ليسوا ملكا له؛ أتبعه مثلا آخر؛ لا تمكن المكابرة فيه؛ فقال (تعالى):
وضرب الله ؛ أي: الذي له الإحاطة الكاملة أيضا؛
مثلا ؛ ثم أبدل منه
رجلين ؛ ثم استأنف البيان لما أجمل؛ فقال (تعالى):
أحدهما أبكم ؛ أي: ولد أخرس; ثم ترجم بكمته التي أريد بها أنه لا يفهم؛ ولا يفهم؛ بقوله:
لا يقدر على شيء ؛ أي: أصلا؛
وهو كل ؛ أي: ثقل؛ وعيال؛ والأصل فيه الغلظ؛ الذي يمنع من النفوذ؛ "كلت السكين كلولا"؛ إذا غلظت شفرتها؛ فلم تقطع؛ و"كل لسانه"؛ إذا لم ينبعث في القول؛ لغلظه وذهاب حده؛ قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14387الرماني؛ على مولاه ؛ الذي يلي أمره; ثم بين ذلك بقوله (تعالى):
أينما يوجهه ؛ أي: يرسله؛ ويصرفه؛ ذلك المولى؛
لا يأت بخير ؛ وهذا مثل شركائهم الذين هم عيال؛ ووبال على عبدتهم.
[ ص: 220 ] ولما انكشف ضلالهم في تسويتهم الأنداد - الذين لا قدرة لهم على شيء ما - بالله؛ الذي له الإحاطة بكل شيء قدرة وعلما؛ حسن كل الحسن توبيخهم؛ والإنكار عليهم؛ بقوله (تعالى):
هل يستوي هو ؛ أي: هذا المذكور؛
ومن ؛ أي: ورجل آخر على ضد صفته؛ فهو عالم؛ فطن؛ قوي؛ خبير؛ مبارك الأمر؛ ميمون النقيبة؛
يأمر ؛ بما له من العلم؛ والقدرة؛
بالعدل ؛ أي: ببذل النصيحة لغيره؛
وهو ؛ في نفسه؛ ظاهرا وباطنا؛
على صراط ؛ أي: طريق واضح؛ واسع؛
مستقيم ؛ أي: عامل بما يأمر به؛ وهذا مثال للمعبود بالحق؛ الذي يكفي عابده جميع المؤن؛ وهو دال على
كمال علمه؛ وتمام قدرته.