ولما بين أن الكذب؛ وما جر إليه؛ أقبح القبائح؛ وأبعد الأشياء عن المكارم؛ وكان من أعظم أسباب الخلاف؛ فكان أمره جديرا بالتأكيد؛ أعاد الزجر عنه؛ بأبلغ مما مضى؛ بصريح النهي؛ مرهبا مما يترتب على ذلك؛ فقال - معبرا بالافتعال؛ إشارة إلى أن ذلك لا يفعل
[ ص: 246 ] إلا بعلاج شديد من النفس؛ لأن الفطرة السليمة يشتد نفارها منه -:
ولا تتخذوا أيمانكم دخلا ؛ أي: فسادا؛ ومكرا؛ وداء؛ وخديعة؛
بينكم ؛ أي: في داخل عقولكم؛ وأجسامكم؛
فتزل ؛ أي: فيكون ذلك سببا لأن تزل
قدم ؛ هي في غاية العظمة؛ بسبب الثبات؛
بعد ثبوتها ؛ عن مركزها الذي كانت به؛ من دين؛ أو دنيا؛ فلا يصير لها قرار؛ فتسقط عن مرتبتها؛ وزلل القدم تقوله العرب لكل ساقط في ورطة بعد سلامة؛
وتذوقوا السوء ؛ مع تلك الزلة؛
بما صددتم ؛ أي: أنفسكم؛ ومنعتم غيركم بأيمانكم التي أردتم بها الإفساد؛ لإخفاء الحق؛
عن سبيل الله ؛ أي: الملك الأعلى؛ يتجدد لكم هذا الفعل؛ ما دمتم على هذا الوصف؛
ولكم ؛ مع ذلك؛
عذاب عظيم ؛ ثابت؛ غير منفك؛ إذا متم على ذلك.