ولما نقض شبهتهم هذه؛ إشارة؛ وعبارة؛ بما فضحهم؛ نقض لهم شبهة أخرى بأوضح من ذلك؛ وأفضح؛ فقال (تعالى):
ولقد نعلم ؛ أي: علما مستمرا؛
أنهم يقولون ؛ أي: أيضا؛ قولا متكررا؛ لا يزالون يلهجون به؛
إنما يعلمه بشر ؛ وهم يعلمون أن ذلك سفساف من القول; ثم استأنف الرد عليهم؛ فقال (تعالى):
لسان ؛ أي: لغة وكلام؛
الذي يلحدون ؛ أي: يميلون؛ أو يشيرون
إليه بأن علمه إياه؛ مائلين عن القصد؛ جائرين؛ عادلين عن الحق؛ ظالمين؛
أعجمي ؛ أي: غير لغة العرب؛ وهو مع ذلك ألكن في النادية؛ غير بين؛ وهو غلام كان نصرانيا لبعض
قريش؛ اختلف في اسمه؛ وهذا التركيب وضع في لسان العرب للإبهام؛ والإخفاء؛ ومنه "عجم الزبيب"؛ لاستتاره؛ و"العجماء": البهيمة؛ لأنها لا تقدر على إيضاح ما في نفسها؛ وأما "أعجمت الكتاب"؛ فهو للإزالة.
[ ص: 257 ] وهذا ؛ أي: القرآن؛
لسان عربي مبين ؛ أي: هو من شدة بيانه مظهر لغيره أنه ذو بيان عظيم؛ فلو أن المعلم عربي للزمهم ألا يعجزوا عن الإتيان بمثل ما علم؛ فكيف وهو أعجمي؟!