ولما أمر بما هو الأولى في حالة الوجدان؛ أمر بمثل ذلك حالة العدم؛ فقال - مؤكدا؛ تنبيها على أنه ينبغي أن يكون الإعراض عنهم في حيز الاستبعاد والاستنكار -:
وإما تعرضن عنهم ؛ أي: عن جميع من تقدم؛ ممن أمرت بالبذل له؛ لأمر اضطرك إلى ذلك؛ لا بد لك منه؛ لكونك لا تجد ما تعطيه؛ فأعرضت حياء؛ لا لإرادة المنع؛ بل
ابتغاء ؛ أي: طلب
رحمة ؛ أي: إكرام؛ وسعة؛
من ربك ؛ الكثير الإحسان؛
ترجوها ؛ فإذا أتتك واسيتهم فيها؛
فقل لهم ؛ في حالة الإعراض؛
قولا ميسورا ؛ أي: ذا يسر؛ يشرح صدورهم؛ ويبسط رجاءهم؛ لأن ذلك أقرب إلى طريق المتقين؛ المحسنين؛ الذين أنا
[ ص: 407 ] معهم; قال
أبو حيان : وروي أنه - عليه الصلاة والسلام - كان بعد نزول هذه الآية إذا لم يكن عنده ما يعطي؛ وسئل؛ قال: "يرزقنا الله وإياكم من فضله"؛ انتهى.
وقد وضع هنا الابتغاء موضع الفقر؛ لأنه سببه؛ فوضع المسبب موضع السبب.