ولما كان سبب البخل خوف الفقر؛ وسبب البسط محبة إغناء المعطي؛ قال - مسليا لرسوله - صلى الله عليه وسلم - عما كان يرهقه من الإضافة عن التوسعة على من يسأله؛ بأن ذلك إنما هو لتربية العباد بما يصلحهم؛ لا لهوان بالمضيق عليه؛ ولا لإكرام للموسع عليه -:
إن ربك ؛
[ ص: 408 ] ؛ أي: المحسن إليك؛
يبسط الرزق لمن يشاء ؛ البسط له؛ دون غيره؛
ويقدر ؛ أي: يضيق كذلك؛ سواء قبض يده؛ أو بسطها؛
ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ؛ ولكنه (تعالى) لا يبلغ بالمبسوط له غاية مراده؛ ولا بالمقبوض عنه أقصى مكروهه؛ فاستنوا في إنفاقكم على عباده بسنته في الاقتصاد؛
إنه كان ؛ أي: كونا هو في غاية المكنة؛
بعباده خبيرا ؛ أي: بالغ الخبر؛
بصيرا ؛ أي: بالغ البصر بما يكون من كل القبض؛ والبسط لهم؛ مصلحة؛ أو مفسدة.