ومن كان ؛ منهم؛
في هذه ؛ الدار؛
أعمى ؛ أي: ضالا؛ يفعل في الأعمال فعل الأعمى؛ في أخذ الأعيان؛ لا يهتدي إلى أخذ ما ينفعه؛ وترك ما يضره؛ ولا يميز بين حسن وقبح؛
فهو في الآخرة ؛ لأن كل أحد يقوم على ما مات عليه؛
أعمى ؛ أي: أشد عمى مما كان عليه في هذه الدار؛ لا ينجح له قصد؛ ولا يهتدي لصواب؛ ولا يقدر على قراءة كتاب؛ لما فيه من موجبات العذاب؛ ولم يقل: "أشد عمى"؛ كما يقولونه في الخلق اللازمة لحالة واحدة من العور؛ والحمرة؛ والسواد؛ ونحوها؛ لأن هذا مراد به عمى القلب؛ الذي من شأنه التزايد والحدوث في كل لحظة؛ شيئا بعد شيء؛ فخالف
[ ص: 479 ] ما لا يزيد; ولم يمله
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو مع إمالة الأول؛ ليدل على أن معناه: "أفعل من كذا"؛ فهو وسط؛ والإمالة إنما يحسن في الأواخر؛ ولأن هذا معناه؛ عطف عليه قوله (تعالى):
وأضل سبيلا ؛ لأن هذه الدار دار الاكتساب والترقي بالأسباب؛ وأما تلك فليس فيها شيء من ذلك; فالآية من الاحتباك: أثبت الإيتاء باليمين والقراءة أولا؛ دليلا على حذف ضدهما ثانيا؛ وأثبت العمى ثانيا؛ دليلا على حذف ضده أولا.