ولما كان قد ذكر سبحانه وتعالى الراغب في الدنيا وحدها والراغب في الدارين وكان قد بقي من الأقسام العقلية المعرض عنهما وهو مفقود فلم يذكره والراغب في الآخرة فقط، وكل من الأقسام تارة يكون مسرا وتارة يكون معلنا وكان المحذور منها - إنما هو المسر لإرادة الدنيا بإظهاره لإرادة الآخرة وكان هذا هو المنافق بدأ به بعد ذكر التقوى والحشر ليكون مصدوعا بادئ بدء بذلك الأمر مقصودا بالتهديد بالحشر وساقه بصيغة ما في أول السورة من ذكر المنافقين ليتذكر السامع تلك القصص ويستحضرها بتلك الأحوال وحسن ذلك طول الفصل وبعد العهد فقال:
ومن الناس من [ ص: 169 ] أي شخص أو الذي
يعجبك أي يروقك ويأخذ بمجامع قلبك أيها المخاطب
قوله كما ذكرنا أول السورة أنه يخادع، ويعجب من الإعجاب وهو من العجب وهو كون الشيء خارجا عن نظائره من جنسه حتى يكون ندرة في صنعه - قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي .
وقال
الأصبهاني : حالة تغشى الإنسان عند إدراك كمال مجهول السبب، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب أنه قال: وليس هو شيئا له في ذاته حالة بل هو بحسب الإضافات إلى من يعرف السبب ومن لا يعرفه، وحقيقة أعجبني كذا:
[ ص: 170 ] ظهر لي ظهورا لم أعرف سببه.
ولما كان ذكر هذا بعد ذكر الحشر ربما أوهم أن يكون القول أو الإعجاب واقعا في تلك الحالة قيده بقوله:
في أي الكائن في
الحياة الدنيا لا يزداد في طول مدته فيها إلا تحسينا لقوله وتقبيحا لما يخفى من فعله وأما في الآخرة فكلامه غير حسن ولا معجب
ويشهد الله المستجمع لصفات الكمال
[ ص: 171 ] على ما في قلبه أنه مطابق لما أظهره بلسانه
وهو أي والحال أنه
ألد الخصام أي يتمادى في الخصام بالباطل لا ينقطع جداله كل ذلك وهو يظهر أنه على الحسن الجميل ويوجه لكل شيء من خصامه وجها يصرفه عما أراد به من القباحة إلى الملاحة، واللدد شدة الخصومة، والخصام القول الذي يسمع المصيح ويولج في صماخه ما يكفه عن مزعمه ودعواه - قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي . وقال
الأصبهاني : هو التعمق في البحث عن الشيء والمضايقة فيه ويجوز أن يجعل الخصام ألد على المبالغة - انتهى.