ثم أخبر أن
الحكمة في إنزال القرآن منجما؛ فقال (تعالى):
وقرآنا ؛ أي: وفصلنا؛ أو وأنزلنا؛ قرآنا؛
فرقناه ؛ أي: أنزلناه منجما في أوقات
[ ص: 532 ] متطاولة؛ وميزناه بالحقيقة عن كل باطل؛ وبالإعجاز عن كل كلام؛
لتقرأه على الناس ؛ أي: عامة كل من أمكنك منهم؛ فإنك مرسل إليهم كلهم.
ولما كانوا - لما لهم من النوس - في غاية الزلزلة؛ لا يتهذبون إلا في أزمان طويلة؛ وعلاج كبير؛ قال - مشيرا إلى ذلك -:
على مكث ؛ أي: تؤدة؛ وترسل؛ بأن تقرأ منه كل نجم في وقته الذي أنزلناه فيه؛ مدة ثلاث وعشرين سنة؛
ونـزلناه ؛ من عندنا؛ بما لنا من العظمة؛
تنـزيلا ؛ بعضه في إثر بعض؛ مفرقا بحسب الوقائع؛ لأنه أتقن في فصلها؛ وأعون على الفهم؛ لطول التأمل لما نزل من نجومه في مدة ما بين النجمين؛ لغزارة ما فيه من المعاني؛ وكثرة ما تضمنه من الحكم؛ وذلك أيضا أقرب للحفظ؛ وأعظم تثبيتا للفؤاد؛ وأشرح للصدر؛ لأن أخبار الحبيب إذا كانت متواصلة كان المحب كل يوم في عيد؛ بهناء جديد؛ فعلنا بك ذلك لما تقدم من أن الله مع الذين اتقوا؛ والذين هم محسنون؛