ولما تقدم إحاطة هذين الاسمين؛ أما "الله"؛ فبجميع معاني الأسماء الحسنى؛ وأما "الرحمن"؛ فبالرحمانية؛ المأمور بالدعاء بهما كل مخاطب؛ خصه - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - بالأمر بالتحميد؛ الذي معناه الإحاطة؛ واسمه - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - مشتق منه؛ لاتصافه به؛ حامدا؛ ومحمودا؛ وبالتكبير عن كل ما يفهمه العباد من أسمائه الحسنى؛ فقال (تعالى):
وقل الحمد ؛ أي: الإحاطة بالأوصاف الحسنى؛
لله ؛ أي: الملك الأعظم؛
الذي لم يتخذ ؛ لكونه محيطا بالصفات الحسنى؛
ولدا ؛ فإن ذلك لا يكون إلا للحاجة؛ وبالحاجة؛ وهي من أسوإ الأوصاف؛
ولم يكن ؛ أي: يوجد بوجه من الوجوه؛
له شريك في الملك [ ص: 541 ] لا ولد؛ ولا غيره؛ فإن ذلك لا يكون إلا بالعجز؛
ولم يكن له ولي ؛ ناصر؛ أعم من أن يكون ذلك الناصر ولدا؛ أو شريكا؛ أو غيره؛ ثم قيده واصفا بقوله (تعالى):
من الذل ؛ إفهاما بأن له أولياء؛ جاد عليهم بالتقريب؛ وجعلهم أنصارا لدينه؛ رحمة منه لهم؛ لا احتياجا منه إليهم؛
وكبره ؛ عن أن يشاركه أحد في شيء من الأشياء؛ وعن كل ما يفهمه فاهم؛ ويصفه به واصف؛ والتكبير أبلغ لفظ
للعرب في معنى التعظيم والإجلال؛ قاله
أبو حيان؛ وأكد بالمصدر؛ تحقيقا له؛ وإبلاغا في معناه؛ أي: فقال:
تكبيرا ؛ عن أن يدرك أحد كنه معرفته؛ أو يجهله أحد من كل وجه؛ بل
احتجب - سبحانه - بكبريائه؛ وجلاله؛ فلا يعرف؛ وتجلى بإكرامه؛ وكماله؛ فلا ينكر؛ فكان صريح اتصافه بالحمد
أنه (تعالى) متصف بجميع صفات الكمال؛ وصريح وصفه بنفي ما ذكر أنه منزه عن شوائب النقص؛ وأنه أكبر من كل ما يخطر للعباد المطبوعين على النقص؛ المجبولين على غرائز العجز؛ ولذلك وغيره؛ من المعاني العظمى؛ سمى النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - هذه الآية آية العز؛ كما رواه الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد؛ عن
سهل؛ عن أبيه - رضي الله عنهما -؛ وذلك عين ما افتتحت
[ ص: 542 ] به السورة من التنزيه؛ وزيادة - والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب؛ وإليه المرجع والمآب.