صفحة جزء
ولما فرغ من هذه القصة التي حاصلها أنها طواف في الأرض لطلب العلم، عقبها بقصة من طاف الأرض لطلب الجهاد، وقدم الأولى إشارة إلى علو درجة العلم لأنه أساس كل سعادة، وقوام كل أمر، فقال عاطفا على ويجادل الذين كفروا بالباطل ويسألونك عن الرجل الصالح المجاهد ذي القرنين سمي لشجاعته أو لبلوغه قرني مغرب الشمس ومشرقها، أو لانقراض قرنين من الناس في زمانه، أو لأنه كان له ضفيرتان من الشعر أو لتاجه [قرنان -]، وهو الإسكندر الأول - نقل ابن كثير عن الأزرقي أنه كان على زمن الخليل عليه السلام، وطاف معه بالبيت، ومن المناسبات الصورية [ ص: 129 ] أن في قصة كل منهما ثلاثة أشياء آخرها بناء جدار لا سقف له، وإنما هو لأجل حفظ ما يهتم به خوف المفسد، وصدرها بالإخبار عن سؤالهم إشارة إلى أنهم لم يسألوا عن التي قبلها على ما فيها من العجائب واللطائف، والأسرار والمعارف، تبكيتا لليهود في إغفال الأمر بالسؤال عنها إن كان مقصودهم [الحق -]، وإن لم يكن مقصودا لهم كانوا بالتبكيت أجدر، أو تكون معطوفة على مسألتهم الأولى وهي الروح، وصدرها بالإخبار بالسؤال تنبيها على ذلك لطول الفصل، إشارة إلى أن ذلك كله مرتبط بجوابهم ارتباط الدر بالسلك.

ولما كان من المعلوم أنه يقول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: فبماذا أجيبهم؟ قال: قل أي لهم: سأتلو أي أقص قصا متتابعا في مستقبل الزمان إن أعلمني الله به عليكم أيها المشركون وأهل الكتاب المعلمون لهم مقيدا بإن شاء الله كما سلف لك الأمر به منه ذكرا كافيا لكم في تعرف أمره، جامعا لمجامع ذكره.

التالي السابق


الخدمات العلمية