ثم عطف على ما أفهمه ذلك
[ ص: 146 ] قوله موبخا لهم ومبكتا:
أفحسب أي أغطوا أعينهم عن آياتي وأصموا أسماعهم عن كلماتي، وعبدوا عبادي فحسبوا لضعف عقولهم، وإنما قال:
الذين كفروا دلالة على الوصف الذي أوجب لهم ذلك
أن يتخذوا أي ولو بذلوا الجهد
عبادي من الأحياء كالملائكة
وعزير والمسيح، والأموات كالأصنام.
ولما كان كل شيء دونه سبحانه، وكان لا يستغرق شيء من الأشياء جميع ما دون رتبته من المراتب، أثبت الجار فقال:
من دوني أولياء أي مبتدئين اتخاذهم من دون إذني، والمفعول الثاني لـ حسب محذوف تقديره: ينصرونهم ويدفعون عنهم ويجعلون بعضهم ولدا ولا أعذبهم. ولما كانت غاية اتخاذ الولي أن يفعل ما يفعل القريب من النصر والحماية من كل مؤذ، جاز كون هذا سادا مسد مفعولي "حسب" لأن معناه: أحسبوا اتخاذهم مانعهم مني؟ ولما كان معنى الاستفهام الإنكاري: ليس الأمر كذلك، بل أصلد زندهم، وخاب جدهم، وغاب سعدهم، حسن جدا قوله مؤكدا لأجل إنكارهم:
إنا أعتدنا جهنم التي تقدم أنا عرضناها لهم
للكافرين نـزلا نقدمها لهم أول قدومهم كما يعجل للضيف، فلا يقدر أحد على منعها عنهم، ولهم وراءها ما يحتقر بالنسبة إليه كما هو شأن ما بعد النزل بالنسبة إليه.