ولما تقدم ما هو في صورة الاستفهام، أتبعه ما يزيل ما قد يقع بسببه من بعض الأوهام، فقال:
ثم وعزتنا!
لنحن لشمول علمنا وكمال قدرتنا وعظمتنا
أعلم [من كل عالم -]
بالذين هم لظواهرهم وبواطنهم
أولى بها [أي جهنم -]
صليا [و -] بالذين هم أولى بكل طبقة من دركاتها من جميع الخلق من المنتزعين وغيرهم، فلا يظن بنا أنا نضع أحدا في غير دركته أو غير طبقته من دركته;
[ ص: 236 ] وعطف هذه الجمل بأداة البعد مقرونة بنون العظمة لبعد مراتبها وتصاعدها في ذرى العليا وترقيها، تهويلا للمقام وتعظيما للأمر لاستبعادهم له، على أنه يمكن أن تكون الحروف الثلاثة للترتيب الزماني، وهو في الأولين واضح، وأما في الثالث فلأن العلم كناية عن الإصلاء، لأن من علم ذنب عدوه - وهو قادر - عذبه، فكأنه قيل: لنصلين كلا منهم النار على حسب استحقاقه لأنا أعلم بأولويته لذلك.