فكأنه قيل: فما يقال لهم؟ فقال:
قل أي لهم ردا عليهم وقطعا لمعاذيرهم وهتكا لشبههم: هذا الذي افتخرتم به لا يدل على حسن الحال في الآخرة، بل على عكس ذلك، فقد جرت عادته سبحانه أنه
من كان في الضلالة مثلكم كونا راسخا بسط له
[ ص: 239 ] في الدنيا وطيب عيشه [في ظاهر الحال -] فيها، ونعم بأنواع الملاذ، وعبر عن أن ذلك لا يكاد يتخلف عن غير من حكم بإلزامه المسكنة من اليهود بلام الأمر، إيذانا بوجوده وجود المأمور به الممتثل في قوله:
فليمدد وأشار إلى التحلي لهم بصفة الإحسان بقوله:
له الرحمن أي العام الامتنان
مدا في العاجلة بالبسط في الآثار، والسعة في الديار، والطول في الأعمار، وإنفاقها فيما يستلذ من الأوزار الكبار، فيزيده العزيز الجبار بذلك ضلالة، فيا له من خسار، وتباب وتبار، لمن [له -] استبصار، ولا نزال نمد له استدراجا
حتى وحقق أخذهم بأداة التحقيق فقال:
إذا رأوا أي كل من كفر بالله بأعينهم وإن ادعوا أنهم يتعاضدون ويتناصرون، [ولذلك جمع باعتبار المعنى -]
ما يوعدون من قبل الله
إما العذاب في الدنيا بأيدي المؤمنين أو غيرهم، أو في البرزخ
وإما الساعة التي هم بها مكذبون، وعن الاستعداد لها معرضون، ولا شيء يشبه أهوالها، وخزيها ونكالها.
ولما كان الجواب: علموا أن مكانهم شر الأماكن، وأن
[ ص: 240 ] جندهم أضعف الجنود، عبر عنه بقوله تهديدا:
فسيعلمون إذا رأوا ذلك
من هو شر مكانا أي من جهة المكان الذي قوبل [به -] المقام
وأضعف جندا [هم أو المؤمنون -]، أي [أضعف -] من جهة الجند الذي أشير به إلى الندي، لأن القصد من فيه، وكأنه عبر بالجند لأن قصدهم المغالبة وما كل من في الندي يكون مقاتلا .