ثم وصل بالفاء السببية قوله مؤكدا إيذانا بعلمه أن ما أتى به
موسى ينكر كل من يراه أن يقدر غيره على معارضته:
فلنأتينك أي [والإله الأعظم -]! بوعد لا خلف فيه
بسحر مثله تأكيدا لما خيل به; ثم أظهر النصفة والعدل إيثاقا لربط قومه فقال:
فاجعل بيننا وبينك موعدا أي من الزمان والمكان
لا نخلفه أي لا نجعله خلفنا
نحن ولا أنت بأن نقعد عن إتيانه.
ولما كان كل من الزمان والمكان لا ينفك عن الآخر قال:
مكانا وآثر ذكر المكان لأجل وصفه بقوله:
سوى أي
[ ص: 302 ] عدلا بيننا، لا حرج على واحد منا في قصده أزيد من حرج الآخر، فانظر هذا الكلام الذي زوقه وصنعه ونمقه فأوقف به قومه عن السعادة واستمر يقودهم بأمثاله حتى أوردهم البحر فأغرقهم، [ثم -] في غمرات النار أحرقهم، فعلى الكيس الفطن أن ينقد الأقوال والأفعال، والخواطر والأحوال، ويعرضها على محك الشرع: الكتاب والسنة، فما وافق لزمه وما لا تركه.