ولما علموا ما خيل به على عقول الضعفاء، نبهوهم [فأخبر تعالى عن ذلك بقوله مستأنفا -]:
قالوا لن نؤثرك أي [نقدم أثرك -] بالاتباع [لك -] لنسلم من عذابك الزائل
على ما جاءنا به
موسى عليه السلام
من البينات التي عايناها وعلمنا أنه لا يقدر أحد على مضاهاتها. ولما بدؤوا بما يدل على الخالق [من الفعل -] الخارق، ترقوا إلى ذكره بعد معرفته بفعله، إشارة إلى علي قدره فقالوا:
[ ص: 313 ] والذي أي ولا نؤثرك بالاتباع على الذي
فطرنا أي ابتدأ خلقنا، إشارة إلى شمول ربوبيته سبحانه وتعالى لهم وله ولجميع الناس، وتنبيها على عجز
فرعون عند من استحقه، وفي جميع أقوالهم هذه من تعظيم الله تعالى عبارة وإشارة وتحقير
فرعون أمر عظيم.
ولما تسبب عن ذلك أنهم لا يبالون به، علما بأن ما فعله فهو بإذن الله، قالوا:
فاقض ما أي فاصنع في حكمك الذي
أنت قاض ثم عللوا ذلك بقولهم:
إنما تقضي أي تصنع بنا ما تريد [إن قدرك الله عليه -]
هذه الحياة الدنيا أي إنما حكمك في مدتها على الجسد خاصة، فهي ساعة تعقب راحة، ونحن لا نخاف إلا ممن يحكم على الروح وإن فني الجسد، فذاك هو الشديد العذاب، الدائم الجزاء بالثواب أو العقاب، [ولعلهم أسقطوا الجار تنزلا إلى أن حكمه لو فرض أنه يمتد إلى آخر الدنيا لكان أهلا لأن لا يخشى لأنه زائل وعذاب الله باق -].