ولما نفى عنه اللعب، أتبعه دليله فقال:
لو أردنا أي [على -] عظمتنا
أن نتخذ لهوا يكون لنا ومنسوبا في لهوه إلينا، واللهو - قال
الأصفهاني: صرف الهم عن النفس بالقبيح.
لاتخذناه أي بما لنا من العظمة
من لدنا أي مما يليق أن ينسب إلى حضرتنا بما لنا من تمام القدرة وكمال العظمة، وباهر الجلالة والحكمة، وذلك بأن يكون محض لهو لا جد فيه أصلا، ولا يخلطه شيء من الكدر،
[ ص: 399 ] ولا يتوقف من يراه في تسميته لهوا، لا يكون له عنده اسم غير ذلك كما لو أن شمسا أخرى وجدت لم يتوقف أحد في تسميتها شمسا كما قال تعالى في السورة الماضية
وقد آتيناك من لدنا ذكرا أي فهو بحيث لا يتوقف أحد في أنه من عندنا، وأنه ذكر وموعظة كما مضى، لكنا لم نرد ذلك فلم يكن، وما اتخذتموه لهوا فإنا خلقناه لغير ذلك بدليل ما فيه من الشواغل والمنغصات والقواطع فاتخذتموه أنتم من عند أنفسكم لهوا، فكان أكثره لكم ضرا وعليكم شرا، وخص الحرالي "عند" بما ظهر، و "لدن" بما بطن، فعلى هذا يكون المراد: من حضرتنا الخاصة بنا الخفية التي لا يطلع عليها غيرنا، لأن ما للملك لا يكون مبتذلا، وكذلك لم يذكر إلا ما يتحقق المكذبون بالبعث رؤيته فوحد السماء هنا وجمعها في غير هذا الموضع لاقتضاء الحال ذلك.
ولما كان هذا مما ينبغي أن تنزه الحضرة القدوسية عنه وعن مجرد ذكره ولو على سبيل الفرض، أشار إلى ذلك بأداة شرط أخرى فقال:
إن كنا فاعلين أي له، ولكنه لا يليق بجنابنا فلم نفعله ولا نكون فاعلين له