ولما كان حاصل أمر
يونس عليه السلام أنه خرج من بطن لم يعهد الخروج من مثله، عطف عليه قصة
زكريا عليه السلام في هبته له ولدا من بطن لم يعهد [الحمل من -] مثله في العقم واليأس ناظرا إلى أبيه
إبراهيم عليه السلام أول من ذكر تصريفه في آحاد العناصر فيما اتفق له من مثل ذلك في ابنه
إسحاق عليه السلام تكريرا لأعلام القيامة وتقريرا للقدرة التامة فقال:
وزكريا أي اذكره
إذ نادى ربه نداء الحبيب القريب فقال:
رب بإسقاط أداة البعد
لا تذرني فردا [أي -] من غير ولد يرث ما آتيتني من الحكمة.
ولما كان من الوارث من يحب من يحجبه من الإرث أو يشاركه فيه، ومنهم من لا يحب ذلك ويسعى في إهلاك من يحجبه -] أو ينقصه، ومنهم من يأخذ الإرث فيصرفه في المصارف القبيحة على ما تدعوه إليه شهوته وحاجته، ومنهم من يأخذه بعفة فينفذ وصايا الموروث
[ ص: 469 ] ويصل ذا قرابته وأهل وده، ويتصدق عنه، ويبادر إلى كل ما كان يحبه وينفعه، كل ذلك لغنى نفسه وكرم طبعه مع كونه مجبولا على الحاجة والنقص، وكان الله هو الغني الحميد، الحكيم المجيد، قال ملوحا بمقصده في أسلوب الإلهاب والتهييج: "وأنت" [أي والحال أنك -]
خير الوارثين لأنك أغناهم عن الإرث وأحسنهم تصرفا، وكثيرا ما تمنح إرث بعض عبيدك عبيدا آخرين، فأنت الحقيق بأن تفعل في إرثي من العلم والحكمة ما أحبه، فتهبني ولدا تمن عليه بذلك