ولما بين قسمي المصارحين بالكفر الكثيف والأكثف صريحا. وأفهم المؤمن المخلص، عطف على ذلك المذبذب فقال:
ومن الناس [ ص: 17 ] ولذلك عبر بالناس الذي مدلوله الاضطراب والتردد دون أن يضمر
من يعبد الله أي يعمل على سبيل الاستمرار والتجدد بما أمر به الإله الأعظم من طاعته
على حرف فهو مزلزل كزلزلة من يكون على حرف شفير أو جبل أو غيره، لا استقرار له، وكالذي على طرف من العسكر، فإن رأى غنيمة قر، وإن توهم خوفا طار وفر، وذلك معنى قوله:
فإن أصابه خير أي من الدنيا
اطمأن به أي بسببه، وثبت على ما هو عليه
وإن أصابته فتنة أي مصيبة ولو قلت - بما يشير إليه التأنيث - في جسده أو معيشته يختبر بها ويظهر خبأه للناس
انقلب على وجهه لتهيئه للانقلاب بكونه على شفا جرف فسقط عن ذلك الطرف من الدين سقوطا لا رجوع له بعد إليه ولا حركة له معه، فإن الإنسان مطبوع على المدافعة بكل عضو من أعضائه عن وجهه فلا يمكن منه إلا بعد نهاية العجز، والمعنى أنه رجع إلى الوجه الذي كان عليه من الكفر أو الشك رجوعا متمكنا، وهذا بخلاف الراسخ في إيمانه، فإنه إن أصابته سراء شكر، وإن أصابته ضراء حمد وصبر، فكل قضاء الله له خير.
ولما كان انقلاب هذا مفسدا لآخرته بما ناله من الوزر، وغير نافع له في استدراك ما فاته من الدنيا، كانت فذلكة ذلك قوله:
[ ص: 18 ] خسر الدنيا أي بسبب أن ذلك لا يرد ما فاته منها ويكون سبب التقتير عليه وذهاب بركته
ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنـزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم nindex.php?page=hadith&LINKID=702197 "إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه" والآخرة بفوات أجر الصبر وحصول إثم الجزع: ثم عظم مصيبته بقوله:
ذلك أي الأمر العظيم
هو أي لا غير
الخسران المبين روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في التفسير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية قال: كان الرجل يقدم
المدينة ، فإن ولدت امرأته غلاما ونتجت خيله قال: هذا دين صالح، وإن لم تلد امرأته ولم تنتج خيله قال: هذا دين سوء .