ولما كان المتصف بذلك قد يكون وصفه مقصورا على بعض الأشياء، أخبر أن صفاته محيطة فقال:
يعلم ما بين أيديهم أي الرسل
وما خلفهم أي علمه محيط بما هم مطلعون عليه وبما غاب عنهم، فلا يفعلون شيئا إلا بإذنه، فإنه يسلك من بين أيديهم ومن خلفهم رصدا ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وإن ظن الجاهلون غير ذلك، لاحتجابه سبحانه وتعالى في الأسباب، فلا يقع في فكر أصلا أن المحيط علما بكل شيء الشامل القدرة لكل شيء يكل رسولا من رسله إلى نفسه، فيتكلم بشيء لم يرسله به، ولا أنه يمكن شيطانا أو غيره أن يتكلم على لسانه بشيء، بل كل منهم محفوظ في نفسه
وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى محفوظ عن تلبيس غيره
إنا نحن نـزلنا الذكر وإنا له لحافظون وإلى الله أي الذي لا كفؤ له، وحده
ترجع أي بغاية السهولة بوعد فصل لا بد منه
الأمور يوم يتجلى لفصل القضاء، فيكون أمره ظاهرا خفاء فيه، ولا يصدر
[ ص: 99 ] شيء من الأشياء إلا على وجه العدل الظاهر لكل أحد أنه منه. ولا يكون لأحد التفات إلى غيره، والذي هو بهذه الصفة له أن يشرع ما يشاء، وينسخ من الشروع ما يشاء، ويحكم بما يريد.