ولما كان من الأماكن التي قد لا يوجد بها أحد ما يباح الدخول إليه لخلوه أو عدم اختصاص النازل به كالخانات والربط، أتبع ما تقدم التعريف بأنه لم يدخل في النهي فقال مستأنفا:
ليس عليكم جناح أي ميل بلوم أصلا
أن تدخلوا بيوتا كالخانات والربط
غير مسكونة ثم وصفها بقوله:
فيها متاع [ ص: 253 ] أي استمتاع بنوع انتفاع كالاستظلال ونحوه
لكم ويدخل فيه المعد للضيف إذا أذن فيه صاحبه في أول الأمر ووضع الضيف متاعه فيه، لأن الاستئذان لئلا يهجم على ما يراد الاطلاع عليه ويراد طيه عن علم الغير، فإذا لم يخف ذلك فلا معنى للاستئذان.
ولما كان التقدير: فالله لا يمنعكم مما ينفعكم، ولا يضر غيركم، عطف عليه قوله:
والله أي الملك الأعظم
يعلم في كل وقت
ما تبدون وأكد بإعادة الموصول فقال:
وما تكتمون تحذيرا من أن تزاحموا أحدا في مباح بما يؤذيه ويضيق عليه، معتلين بأصل الإباحة، أو يؤذن لكم في منزل فتبطنوا فيه الخيانة فإنه وإن وقع الاحتراز من الخونة بالحجاب فلا بد من الخلطة لما بني عليه الإنسان من الحاجة إلى العشرة، ولذلك اتصل به على طريق الاستئناف قوله تعالى; مقبلا على أعلى خلقه فهما وأشدهم لنفسه ضبطا دون بقيتهم، إشارة إلى صعوبة الأمر وخطر المقام، مخوفا لهم بالإعراض عنهم، بالتردي برداء الكبر، والاحتجاب في مقام القهر.