ولما تقدم ذكر منزل الفرقان سبحانه، وذكر الفرقان والمنزل عليه على طريق الإجمال، أتبع ذلك تفصيله على الترتيب، فبدأ بوصف المنزل سبحانه بما هو أدل دليل على إرادة التعميم في الرسالة لكل من يريد، فقال:
الذي له أي وحده
ملك السماوات والأرض فلا إنكار لأن يرسل رسولا إلى كل من فيهما
ولم يتخذ ولدا ليتكبر على رسوله
ولم يكن له شريك في الملك ليناقضه في الرسالة أو يقاسمه إياها، فيكون بعض الخلق خارجا عن رسالته، أو مراعيا لأمر غير أمره.
ولما كان وقوف الشيء عند حد - بحيث لا يقدر أن يتعداه إلى حد شيء آخر سواه، فهذا حيوان لا يقدر على جعل نفسه جمادا
[ ص: 336 ] ولا أعلى من الحيوان، وهذا جماد لا يمكنه جعل نفسه حيوانا ولا أسفل من رتبة الجماد إلى غير ذلك مما يعجز الخلق عن شرحه دالا على أنه مخلوق مربوب، قال تعالى:
وخلق أي أحدث إحداثا مراعى فيه التقدير والتسوية
كل شيء أي مما ادعى فيه الولدية أو الشرك وغيره.
ولما كان قد سوى كل شيء لما يصلح له وهيأه لذلك، قال شارحا ومحققا لمعنى "خلق" :
فقدره في إيجاده من غير تفاوت
تقديرا أي لا يمكن ذلك الشيء مجاوزته فيما خلق لأجله وهيئ ويسر له إلى غيره بوجه من الوجوه.