ولما ذكر حال النذير الذي ابتدأ به السورة في دعائه إلى الرحمن
[ ص: 417 ] الذي لو لم يدع إلى عبادته إلا رحمانيته لكفى، فكيف بكل جمال وجلال، فأنكروه، اقتضى الحال أن يوصل به إثباته بإثبات ما هم عالمون به من آثار رحمانيته، ففصل ما أجمل بعد ذكر حال النذير، ثم من الملك، مصدرا له بوصف الحق الذي جعله مطلع السورة رادا لما تضمن إنكارهم من نفيه فقال:
تبارك أي ثبت ثباتا لا نظير له
الذي جعل في السماء التي قدم أنه اخترعها
بروجا وهي اثنا عشر برجا، هي للكواكب السيارة كالمنازل لأهلها، سميت بذلك لظهورها، وبنى عليها أمر الأرض، دبر بها فصولها، وأحكم بها معايش أهلها.
ولما كانت البروج على ما تعهد لا تصلح إلا بالنور، ذكره معبرا بلفظ السراج فقال:
وجعل فيها أي البروج
سراجا أي شمسا، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي بصيغة الجمع للتنبيه على عظمته في ذلك بحيث إنه أعظم من ألوف ألوف من السرج، فهو قائم مقام الوصف كما قال في الذي بعده:
وقمرا منيرا أتم - بتنقلهما فيها وبغير ذلك
[ ص: 418 ] من أحوالهما - التدبير، أي أن العلم بوجوبه لا شك فيه، فكيف يشك عاقل في وجوده أو في رحمانيته بهذا العالم العظيم المتقن الصنع الظاهر فيه أمر الرحمانية.