ولما ذكر وصفهم الذي فاقوا به، أشار إلى وصف الجهلة الذي سفلوا به، فقال:
والذين إذا ذكروا أي ذكرهم غيرهم كائنا من كان، لأنهم يعرفون الحق بنفسه لا بقائله
بآيات ربهم أي الذي وفقهم لتذكر إحسانه إليهم في حسن تربيته لهم بالاعتبار بالآيات المرئية والمسموعة
لم يخروا أي لم يفعلوا فعل الساقطين المستعلين
عليها الساترين لها; ثم زاد في بيان إعراضهم وصدهم عنها فقال منبها على أن المنفي القيد لا المقيد، وهو الخرور، بل هو موجود غير منفي بصفة السمع والبصر:
صما وعميانا أي كما يفعل المنافقون والكفار في الإقبال عليها سماعا واعتبارا، والإعراض عنها تغطية لما عرفوا من حقيتها، وسترا لما رأوا من نورها، فعل من لا يسمع ولا يبصر كما تقدم
[ ص: 434 ] عن
أبي جهل وأبي سفيان والأخنس بن شريق ، وذلك وصف لعباد الرحمن بفعل ضد هذا، أي أنهم يسقطون عند سماعها ويبكون عليها، سقوط سامع منتفع بسمعه، بصير منتفع ببصره وبصيرته، سجدا يبكون كما تقدم في أول أوصافهم وإن لم يبلغوا أعلى الدرجات البصيرة - بما أشارت إليه المبالغة بزيادة النون جمع العمى.