[ ص: 1 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الشعراء
مقصودها أن
هذا الكتاب بين في نفسه بإعجازه أنه من عند الله ، مبين لكل ملتبس ، ومن ذلك بيان آخر التي قبلها بتفصيله ، وتنزيله على أحوال الأمم وتمثيله ، وتسكين أسفه صلى الله عليه وسلم خوفا [من] أن يعم أمته الهوان ، بعدم الإيمان ، وأن يشتد قصدهم لأتباعه بالأذى والعدوان ، بما تفهمه "سوف" من طول الزمان ، بالإشارة إلى إهلاك من علم منه دوام العصيان ، ورحمة من أراده للهداية والإحسان ، وتسميتها بالشعراء أدل دليل على ذلك بما يفارق به القرآن الشعر من علو مقامه ، واستقامة مناهجه وعز مرامه ، وصدق وعده ووعيده ، وعدل تبشيره وتهديده ، وكذا تسميتها بالظلة إشارة إلى أنه أعدل
[ ص: 2 ] في بيانه ، أو أدل في جميع شأنه ، من المقادير التي دلت عليها قصة
شعيب عليه السلام بالمكيال والميزان ، وأحرق من الظلة لمن يبارزه بالعصيان.
"بسم الله" الذي دل على علو كلامه ، على عظمة شأنه وعز مرامه "الرحمن" الذي لا يعجل على من عصاه ، "الرحيم" الذي يحيي قلوب أهل وده بالتوفيق لما يرضاه
طسم [لعله إشارة إلى الطهارة الواقعة بذي طوى من
طور سيناء وطيبة ومكة وطيب ما نزل على
محمد صلى الله عليه وسلم مما يجمع ذلك كله كما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما ما يرشد إلى ذلك ، وإلى خلاص بني إسرائيل بما سمعه
موسى عليه السلام من الكلام القديم ، وبإتمام أمرهم بتهيئتهم للملك بإغراق
فرعون وجنوده ونصرهم على من ناواهم في ذلك الزمان بعد تطهيرهم بطول البلاء الذي أوصلهم إلى ذل العبودية ، وذلك كله إشارة إلى تهديد
قريش بأنهم إن لم يتركوا لددهم فعل بهم ما فعل
بفرعون وجنوده من الإذلال بأي وجه أراد. وخلص عباده منهم ، وأعزهم على كل من ناواهم].