ولما كان محط كلامهم كله على تكذيبهم له من غير قدح في قدرة الخالق ، سبب العذاب عن تكذيبهم فقال :
فكذبوه أي : استمروا على تكذيبه
فأخذهم أي : أخذ هلاك
عذاب يوم الظلة وهي سحابة على نحو ما طلبوا من قطع السماء ، أتتهم بعد حر شديد نالهم حتى من الأسراب في داخل الأرض أشد مما نالهم من خارجها ليعلم أن لا فاعل إلا الله ، وأنه يتصرف كيف شاء على مقتضى العادة وغير مقتضاها فوجدوا من تلك الظلة نسيما باردا ، وروحا طيبا ، فاجتمعوا تحتها استرواحا [إليها] واستظلالا بها ، فأمطرت عليهم نارا فاحترقوا بنحو مما اقترحوا وأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا ، فنفذت فيهم سهام القدرة ، ولم يجدوا من دونها وقاية ولا سترة من غير أن تدعو حاجة إلى سقوط شيء من جرم السماء ، ولا بما دونها من العماء.
[ ص: 92 ] ولما كان الحال موجبا للسؤال عن يوم الظلة، قال تعالى مهولا لأمره ومعظما لقدره :
إنه كان فأكد بـ "إن" [وعظم بـ "كان"]
عذاب يوم عظيم وزاده عظما بنسبته إلى اليوم فصار له من الهول ، ببديع هذا القول ، ما تجب له القلوب وتعظم الكروب.