[ ص: 142 ] ولما كان التقدير : فساروا ، لأن الوزع لا يكون إلا عن سير ، غياه بقوله :
حتى إذا أتوا أي : أشرفوا ، ولما كان على بساطه فوق متن الريح بين السماء والأرض عبر بأداة الاستعلاء فقال :
على واد النمل وهو واد
بالطائف -كما نقله
nindex.php?page=showalam&ids=13889البغوي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16850كعب - وهو الذي تميل إليه النفس فإنه معروف إلى الآن عندهم بهذا الاسم ، ويسمى أيضا نخب وزن كتف ، وقد رأيته لما قصدت تلك الديار لرؤية مشاهدها ، والتطواف في معابدها ومعاهدها ، والتبرك بآثار الهادي ، في الانتهاء والمبادئ ، ووقفت بمسجد فيه قرب سدرة تسمى الصادرة مشهور عندهم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى به ، وهذه السدرة مذكورة في غزوة
الطائف من السيرة الهشامية واقتصر في تسمية الوادي على نخب ، وأنشدت فيه يوم وقوفي ببابه ، وتضرعي في أعتابه :
مررت بوادي النمل يا صاح بكرة فصحت وأجريت الدموع على خدي
وتممت منه موقف الهاشمي الذي
ملأ الأرض توحيدا يزيد على العد
وكم موقف أفرشته حر جبهتي وأبديت في أرجائه ذلة العبد
[ ص: 143 ] في قصيدة طويلة.
ولما كانوا في أمر يهول منظره ، ويوهي القوى مخالطته ومخبره ، فكان التقدير : فتبدت طلائعهم ، وتراءت راياتهم ولوامعهم ، وأحمالهم ووضائعهم ، [نظم به قوله : ]
قالت نملة أي : من النمل الذي بذلك الوادي :
يا أيها النمل ولما حكى عنهم سبحانه ما هو من شأن العقلاء ، عبر بضمائرهم فقال :
ادخلوا أي : قبل وصول ما أرى من الجيش
مساكنكم ثم عللت أمرها معينة لصاحبه إذ كانت أماراته لا تخفى فقالت جوابا للأمر أو مبدلا منه :
لا يحطمنكم أي : يكسرنكم ويهشمنكم أي : لا تبرزوا فيحطمنكم ، فهو نهي لهم عن البروز في صور نهيه وهو أبلغ من التصريح بنهيهم لأن من نهى كبيرا عن شيء كان لغيره أشد نهيا
سليمان وجنوده أي : فإنهم لكثرتهم إذا صاروا في الوادي استعلوا عليه فطبقوه فلم يدعوا منه موضع شبر خاليا
وهم أي :
سليمان عليه السلام وجنوده
لا يشعرون أي : بحطمهم لكم لاشتغالهم بما هم فيه من أحوال السير ، وتعاطي مصالحه ، مع صغر أجسامكم ، وخفائكم على السائر في حال اضطرابكم ومقامكم ، وقولها هذا يدل على
[ ص: 144 ] علمها بأنهم لو شعروا بهم ما آذوهم لأنهم أتباع نبي فهم رحماء.