ثم أتبع [هذا] الإنكار إنكارا آخر لمضمون جملة مؤكدة أتم التأكيد ، إشارة إلى أن فعلتهم هذه مما يعي الواصف ،
[ ص: 182 ] ولا يبلغ كنه قبحها ولا يصدق ذو عقل أن أحدا يفعلها ، فقال معينا لما أبهم :
أإنكم لتأتون وقال :
الرجال تنبيها على بعدهم عما يأتونه إليهم ، ثم علله بقوله :
شهوة إنزالا لهم إلى رتبة البهائم التي ليس فيها قصد ولد ولا عفاف; وقال :
من دون أي : إتيانا مبتدئا من غير ، أو أدنى رتبة من رتبة
النساء إشارة إلى أنهم أساؤوا من الطرفين في الفعل والترك.
ولما كان قوله :
شهوة ربما أوهم أنهم لا غنى بهم عن إتيانهم للشهوة الغالبة لكن النساء لا تكفيهم ، لذلك نفى هذا بقوله :
بل أي : أنكم لا تأتونهم لشهوة محوجة بل
أنتم قوم ولما كان مقصود السورة إظهار العلم والحكمة ، وكانوا قد خالفوا ذلك إما بالفعل وإما لكونهم يفعلون من الإسراف وغيره عمل الجهلة ، قال :
تجهلون أي : تفعلون ذلك إظهارا للتزين بالشهوات فعل المبالغين في الجهل الذين ليس لهم نوع علم في
التجاهر بالقبائح خبثا وتغليبا لأخلاق البهائم ، مع ما رزقكم الله من العقول التي أهملتموها حتى غلبت عليها الشهوة ، .