ولما دلهم بآيات الآفاق ، وكانت كلها من أحوال السراء ، وكانت بمعرض الغفلة عن الإله ، ذكرهم بما في أنفسهم مما يوجبه تغير الأحوال الدالة بمجردها على الإله ، ويقتضي لكل عاقل [صدق] التوجه إليه ،
[ ص: 191 ] وإخلاص النية لديه ، والإقبال عليه ، على ذلك ركزت الطباع ، وانعقد الإجماع ، فلم يقع فيه نزاع ، فقال :
أمن يجيب المضطر أي : جنس الملجأ إلى ما لا قبل له به ، الصادق على القليل والكثير إذا أراد إجابته كما تشاهدون ، وعبر فيه وفيما بعده بالمضارع لأنه مما يتجدد ، بخلاف ما مضى من خلق السماوات وما بعده
إذا دعاه أي : حين ينسيكم الضر شركاءكم ، ويلجئكم إلى من خلقكم ويذهل المعطل عن مذهبه ويغفله عن سوء أدبه عظيم إقباله على قضاء أربه.
ولما كانت الإجابة ذات شقين ، جلب السرور ، ودفع الشرور ، وكان النظر إلى الثاني أشد ، خصه بادئا به فقال :
ويكشف السوء ثم أتبعه الأول على وجه أعم ، فقال مشيرا إلى عظيم المنة عليهم بجعلهم مسلطين عالين على جميع من في الأرض وما في الأرض مشرفين بخلافته سبحانه ، ولذلك أقبل عليهم ،
ويجعلكم خلفاء الأرض أي : فيما يخلف بعضكم بعضا ، لا يزال يجدد ذلك بإهلاك قرن وإنشاء آخر إلى قيام الساعة ، ولما كان هذا أبين ، كرر الإنكار فيه مبكتا لهم بالنسيان فقال :
أإله أي : كائن أو موجود
مع الله أي : الملك الأعظم الذي لا كفؤ له.
[ ص: 192 ] ثم استأنف التبكيت تفظيعا له ومواجها به في قراءة الجماعة لما يؤذن به كشف هذه الأزمات من القرب المقتضي للخطاب ، ولذلك أكد بزيادة "ما" فقال :
قليلا ما تذكرون أي : بأن من أنجاكم من ذلك وحده حين أخلصتم له التوجه عند اشتداد الأمر هو المالك لجميع أموركم في الرخاء كما كان مالكا له في الشدة ، وأن
الأصنام لا تملك شيئا بشفاعة ولا غيرها كما لم تملك شيئا في اعتقادكم عند الأزمات ، واشتداد الكربات ، في الأمور المهمات ، فإن هذا قياس ظاهر ، ودليل باهر ، ولكن من طبع الإنسان نسيان ما كان فيه من الضير ، عند مجيء الخير ، ومن قرأ بالتحتانية وهم
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو nindex.php?page=showalam&ids=17246وهشام nindex.php?page=showalam&ids=15903وروح ، فللإيذان بالغضب الأليق بالكفران ، مع عظيم الإحسان.