[ ص: 207 ] ولما لم يبق بعد هذا الذي أقامه من
دلائل القدرة على كل شيء عموما ، وعلى البعث خصوصا ، مقال ، يرد عن الغي إلا التهديد بالنكال ، وكان كلامهم هذا موجبا للنبي صلى الله عليه وسلم من الغم والكرب ما لا يعلمه إلا الله تعالى ، قال سبحانه ملقنا له ومرشدا لهم في صورة التهديد :
قل سيروا في الأرض أي : أيها المعاندون أو العمي الجاهلون.
ولما كان المراد الاسترشاد للاعتقاد ، والرجوع عن الغي والعناد، لكون السياق له ، لا مجرد التهديد ، قال
فانظروا بالفاء المقتضية للإسراع ، وعظم المأمور بنظره بجعله أهلا للعناية به ، والسؤال عنه ، فقال :
كيف كان أي : كونا [هو] في غاية المكنة
عاقبة المجرمين أي :
القاطعين لما أمر الله به أن يوصل من الصلاة التي هي الوصلة بين الله وبين عباده ،
والزكاة التي هي وصلة بين بعض العباد وبعض ، لتكذيبهم الرسل الذين هم الهداة إلى ما [لا] تستقل به العقول ، فكذبوا بالآخرة التي ينتج التصديق بها كل هدى ، ويورث التكذيب بها كل عمى - كما تقدمت الإشارة إليه في افتتاح السورة- فإنكم إن نظرتم ديارهم ، وتأملتم أخبارهم ، حق التأمل ، أسرع بكم ذلك إلى التصديق فنجوتم وإلا هلكتم ، فلم تضروا إلا أنفسكم ، وقد تقدم لهذا مزيد بيان
[ ص: 208 ] في النحل.