حتى إذا جاءوا أي : المكان الذي أراده الله لتبكيتهم
قال لهم ملك الملوك غير مظهر لهم الجزم بما يعلمه من أحوالهم ، في عنادهم وضلالهم ، بل سائلا لهم إظهارا للعدل بإلزامهم بما يقرون به من أنفسهم ، وفيه إنكار وتوبيخ وتبكيت وتقريع :
أكذبتم أي : [أيها] الجاهلون
بآياتي على ما لها من العظم في أنفسها ، وبإتيانها إليكم على أيدي أشرف عبادي "و" الحال أنكم " لم تحيطوا بها علما " أي : من غير فكر ولا نظر يؤدي إلى الإحاطة بها في معانيها وما أظهرت لأجله حتى تعلموا ما تستحقه ويليق بها بدليل لا مرية فيه
أماذا كنتم أي : في تلك الأزمان بما هو لكم كالجبلات
تعملون فيها هل صدقتم [بها] أو كذبتم بعد الإحاطة بعلمها؟ أخبروني عن ذلك كله! ما دهاكم حيث لم تشتغلوا بهذا العمل المهم؟ فإن هذا - وعزتي - مقام العدل
[ ص: 219 ] والتحرير ، ولا يترك فيه قطمير ولا نقير ، ولا ظلم فيه على أحد في جليل ولا حقير ، ولا قليل ولا كثير ، والسؤال على هذا الوجه منبه على الاضطرار إلى التصديق أو الاعتراف بالإبطال ، لأنهم إن قالوا : كذبنا ، فإن قالوا مع عدم الإحاطة كان في غاية الوضوح في الإبطال ، وإن قالوا مع الإحاطة كان أكذب الكذب.