ولما ذكر هذا الحشر الخاص ، والدليل على مطلق الحشر والنشر ، ذكر الحشر العام ، لئلا يظن أنه إنما يحشر الكافر ، فقال مشيرا إلى عمومهم بالموت كما عمهم بالنوم ، وعمومهم بالإحياء كما عمهم بالإيقاظ :
ويوم ينفخ أي : بأيسر أمر
في الصور أي : القرن الذي جعل صوته لإماتة الكل.
ولما كان ما ينشأ عنه من فزعهم مع كونه محققا مقطوعا به كأنه وجد ومضى ، يكون في آن واحد ، أشار إلى ذلك وسرعة كونه بالتعبير بالماضي فقال :
ففزع أي : صعق بسبب هذا النفخ
من في السماوات
ولما كان الأمر مهولا ، كان الإطناب أولى ، فقال :
ومن في الأرض أي : كلهم
إلا من شاء الله أي : المحيط علما وقدرة وعزة وعظمة ، أن لا يفزع; ثم أشار إلى النفخ لإحياء الكل بقوله :
وكل أي : من فزع ومن لم يفزع
أتوه أي
[ ص: 222 ] بعد ذلك للحساب بنفخة أخرى يقيمهم بها ، دليلا على تمام القدرة في كونه أقامهم بما به أنامهم
داخرين أي : صاغرين منكسرين; واستغنى عن التصريح به بما يعلم بالبديهة من أنه لا يمكن إتيانهم في حال فزعهم الذي هو كناية عن بطلان إحساسهم ، هذا معنى ما قاله كثير من المفسرين والذي يناسب سياق الآيات الماضية - من كون الكلام في يوم القيامة الذي هو ظرف لما بين
البعث ودخول الفريقين إلى داريهما - أن يكون هذا النفخ بعد البعث وبمجرد صعق هو كالغشي كما أن حشر الأفواج كذلك ، ويؤيده التعبير بالفزع ، ويكون الإتيان بعده بنفخة أخرى تكون بها الإقامة ، فهاتان النفختان حينئذ هما المراد من قوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=652234 "يصعق الناس يوم القيامة" - الحديث ، وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى لفظا ومعنى ، ويحل ما فيه من إشكال في آخر سورة الزمر.