ولما كان الوحي إليها بهذا سببا لإلقائه في البحر. وإلقاؤه سببا لالتقاطه ، قال :
فالتقطه أي : فأرضعته فلما خافت عليه صنعت له صندوقا وقيرته لئلا يدخل إليه الماء وأحكمته وأودعته فيه وألقته في بحر النيل ، وكأن بيتها كان فوق بيت
فرعون ، فساقه الماء إلى قرب بيت
فرعون ، فتعوق بشجر هناك ، فتكلف جماعة
فرعون التقاطه ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13889البغوي : والالتقاط وجود الشيء من غير طلب.
آل فرعون بأن أخذوا الصندوق ،
فلما فتحوه وجدوا موسى عليه السلام فأحبوه لما ألقى الله تعالى عليهم من محبته فاتخذوه ولدا وسموه موسى ، لأنهم وجدوه
[ ص: 245 ] في ماء وشجر ، ومو بلسانهم- : الماء ، وسا : الشجر.
ولما كانت عاقبة أمره إهلاكهم ، وكان العاقل لا سيما المتحذلق ، لا ينبغي له أن يقدم على شيء حتى يعلم عاقبته فكيف إذا كان يدعي أنه إله ، عبر سبحانه بلام العاقبة التي معناها التعليل ، تهكما
بفرعون - كما مضى بيان مثله غير مرة - في قوله :
ليكون لهم عدوا أي : بطول خوفهم منه بمخالفته لهم في دينهم وحملهم على الحق
وحزنا أي : بزوال ملكهم ، لأنه يظهر فيهم الآيات التي يهلك الله بها من يشاء منهم ، ثم يهلك جميع أبكارهم فيخلص [جميع] بني إسرائيل منهم ، ثم يظفر بهم كلهم. فيهلكهم الله بالغرق على يده إهلاك نفس واحدة ، فيعم الحزن والنواح أهل ذلك الإقليم كله ، فهذه اللام للعلة استعيرت لما أنتجته العلة التي قصدوها - وهي التبني وقرة العين - من الهلاك ، كما استعير الأسد للشجاع فأطلق عليه ، فقيل : زيد أسد. لأن فعله كان فعله ، والمعنى على طريق التهكم أنهم ما أخذوه إلا لهذا الغرض ، لأنا نحاشيهم من الإقدام على ما يعلمون آخر أمره.
ولما كان لا يفعل هذا الفعل إلا أحمق مهتور أو مغفل مخذول لا يكاد يصيب على ذلك بالأمرين فقال :
إن فرعون وهامان وجنودهما [ ص: 246 ] أي : كلهم على طبع واحد
كانوا خاطئين أي : دأبهم تعمد الذنوب ، والضلال عن المقاصد ، فلا بدع في خطائهم في أن يربوا من لا يذبحون الأبناء إلا من أجله ، مع القرائن الظاهرة في أنه من بني إسرائيل الذين يذبحون أبناءهم; قال في الجمع بين العباب والمحكم : قال
أبو عبيد : أخطأ وخطأ - لغتان بمعنى واحد- وقال
ابن عرفة : يقال : خطأ في دينه وأخطأ إذا سلك سبيل خطأ عامدا أو غير عامد.
وقال
الأموي ، المخطئ من أراد الصواب فصار إلى غيره ، والخاطئ : من تعمد ما لا ينبغي ، وقال
ابن ظريف في الأفعال : خطئ الشيء خطأ وأخطأه : لم يصبه.